نورمان بنتويش «لن نتخلى أبدا عن إسرائيل.»
كيسينجر
21
كانت المشاهد الأخيرة للفيلم تمثل عملية انسحاب القوات الإسرائيلية من جنوب لبنان، وحلول قوات الأمم المتحدة محلها. واقترحت على أنطوانيت إلغاء هذه المشاهد، والوقوف بنهاية الفيلم عند الاحتلال الإسرائيلي لنهر الليطاني. وقلت إن هذا الحل سيرتفع بالفيلم من مجرد تسجيل للأحداث، إلى مستوى الرؤية المستقبلية؛ فإسرائيل وجدت لتنمو وتتسع وتبتلع. وإذا كانت قد غادرت لبنان سنة 1978 بعد ثلاثة أشهر من الغزو، فإنها تركت مكانها «قوات حلف الأطلنطي ذات القبعات الزرقاء» على حد تعبير القادة الإسرائيليين أنفسهم. كما أنه لا يوجد ما يمنع عودتها في أي لحظة.
وافقتني أنطوانيت على هذا الرأي، واتفقنا على أن أعتكف في منزلي يومين أو ثلاثة، أنتهي خلالها من كتابة التعليق المطلوب.
تركتها تقوم بلف البكرة الأخيرة من الفيلم، وعدت إلى المنزل. لم يكن وديع قد عاد بعد من عمان، فأخذت حماما. وأعددت فنجانا من القهوة. وجلست أتصفح الأوراق التي دونت فيها مشاهد الفيلم. سجلت بعض الملاحظات ثم نحيت الأوراق جانبا. وأعددت عشاء خفيفا تناولته مع علبتي بيرة، ثم لجأت إلى الفراش.
كان نومي خفيفا مضطربا. وشعرت بعودة وديع في الليل، وبخروجه في الصباح. ونهضت أخيرا متثاقلا، فأفطرت ووقفت أدخن في الشرفة. ولاحظت أن الشوارع هادئة تماما، والحوانيت مغلقة. ثم تذكرت أن اليوم يوافق عيد الاستقلال.
جلست إلى مكتب وديع. لكن لم أجد حماسا للعمل. جذبت التليفون وأدرت رقم لميا. واستمعت إلى الجرس يدق طويلا، ثم وضعت السماعة ومضيت إلى غرفتي.
ارتديت سترتي، واطمأننت على وجود جواز سفري في جيبها الداخلي. وأحصيت ما معي من نقود فوجدتها لا تزيد على مائتي ليرة، ثم غادرت المسكن.
اتجهت صوت الحمرا، عبر شوارع أوشكت أن تخلو من المارة. وعندما بلغت الشارع العتيد، مضيت من أمام الويمبي، والموفينبيك، ثم سينما الحمرا والردشو. ووقفت على ناصية الردشو أتأمل مقهى المودكا على الرصيف المقابل.
نامعلوم صفحہ