بين الدين والفلسفة: في رأي ابن رشد وفلاسفة العصر الوسيط
بين الدين والفلسفة: في رأي ابن رشد وفلاسفة العصر الوسيط
اصناف
أو هل نقول أخيرا مع الأستاذ «ميجل آسين
Miguel Asin » بأن موقف فيلسوف قرطبة يتلخص في أن الوحي والفلسفة مصدرهما الله؛ فلا يمكن أن يتناقضا، بل لا بد أن يكون بينهما وئام وتعاون متبادل، ولكن الوحي يفوق الفلسفة في مسائل أساسية، فإن اختلفا ظاهريا يجب خضوع الفلسفة للوحي؟
53
إنه من الممكن لنا بعد هذه الفروض والآراء في فهم موقف ابن رشد الحقيقي في العلاقة بين الدين والفلسفة، أن نقرر أنه يجب لمعرفة حقيقة موقفه أن نحاول أولا إزالة ما يوجد من تعارض ظاهري بين النصوص التي ذكرناها، نعني نصوص «فصل المقال» من جهة، ونصوص «مناهج الأدلة» و«تهافت التهافت» من جهة أخرى، فإذا تم لنا هذا فسنرى نزعة واحدة تسود جميع كتاباته وتكون هي المعبر عن موقفه الحق.
ولكن أي النصوص هي التي يجب تأويلها لتتمشى مع الطائفة الأخرى من النصوص؟ هنا المشكلة التي قد يتيسر لنا حلها إذا تبينا العوامل التي دفعته لكتابة ما كتب من هذه النصوص وتلك في كتبه المختلفة.
إن فيلسوف الأندلس كتب «فصل المقال» لغرض واحد هو - كما يدل عليه اسمه - تبيين العلاقة أو الاتصال بين الحكمة والشريعة، ومحاولة التوفيق بينهما على أساس هذه العلاقة، على حين أنه كتب «مناهج الأدلة»؛ ليفحص فيه «عن الظاهر من العقائد التي قصد الشرع حمل الجمهور عليها، ونتحرى في ذلك كله مقصد الشارع
صلى الله عليه وسلم
بحسب الجهد والاستطاعة.»
54
وأخيرا كتب «تهافت التهافت» ليرد به على تهافت الفلاسفة للغزالي.
نامعلوم صفحہ