بين دین اور علم
بين الدين والعلم: تاريخ الصراع بينهما في القرون الوسطى إزاء علوم الفلك والجغرافيا والنشوء
اصناف
Sloth
في أمريكا الجنوبية سببا في قيام أسئلة ممضة إذ قيل: كيف يمكن لحيوانات تبلغ من ثقل الجثة مبلغ هذه أن تهاجر من أرارات - حيث رست سفينة نوح - وأن تسافر إلى مثل هذه البقاع الضئيلة؟
وكان للاستكشافات التي وقع عليها الرواد في أستراليا وما يجاورها من الجزائر آثار أشد مرارة. فقد عثر الباحثون في تلك البقاع على عالم من الحيوان يختلف جهد الاختلاف عن عالم الحيوان الذي عرف في بقية بقاع الأرض.
أما الإشكال الذي قام في وجه اللاهوتيين، فكان محاولة تعليل وجود «الكنغر»
Kangaro
في سفينة نوح في حين أنه لا يوجد الآن إلا في أستراليا وحدها دون بقية البقاع المعروفة. وعلى الرغم من أن قدرة هذا الحيوان كبيرة، فإنه يبقى أمام اللاهوتيين أن يظهروا كيف استطاع هذا الحيوان، وبأي قدر من القفزات المتوالية، أن يجتاز الجبال والوديان، وأن يعبر المحيطات التي تفصل هذه القارة البعيدة عن بقية قارات الأرض؟ أما إذا قيل بتلك النظرية التي يزعم أصحابها بأن طريقا للاتصال كان يصل في الأزمان الأولى ما يفصل الآن بين تلك القارة وأقرب قارة إليها، فإنه يبقى أمام القائلين بهذه النظرية أن يظهروا لماذا لم تستطع الأسود والنمور والجمال والزراف أن يجدوا طريقا أو يقتحموا الحواجز إليها.
منها ترى أن النظرية اللاهوتية قد تحطمت وذهبت بددا وأجزاء في أواخر القرن الثامن عشر، أما عقلاء اللاهوتيين فقد تريثوا متلبثين. أما الحمقى منهم فقد نزعوا إلى الإنذار والتهديد ليقتلعوا جذور الإنكار والكفران، وأنكروا «العلم» الذي يسمى علما بطريق الخطأ معلنين في كثير من النزق «أن الأناجيل صحيحة» في حين أنهم لم يعنوا بقولهم إن الأناجيل صحيحة إلا أن الفهم المحدود الذي فهموا به الأناجيل والذي ورثوه عمن سبقهم صحيح استتباعا.
لم ينتصف القرن التاسع عشر حتى بان لكل المفكرين بجلاء كاف أن النظرية اللاهوتية في الخلق قد نقضت تماما، ولو أنها كانت تردد في جنبات الكنائس احتفاظا بالشكل دون الموضوع. ولقد نهض رجال عظام من رجالات الكنيسة أمثال الكردينال «ويزمان» في الكنيسة الرومانية، والأسقف بوكلاند في الكنيسة الأنغليكانية، وهيوموللر في الكنيسة الأيقوسية، يعملون بجهد اليائس لعلهم يفوزون بإنقاذ شيء من ذلك المعتقد، ولكنها كانت جهود ضاعت سدى وذهبت هباء، وهنا ظهرت صفة الأمانة الصلبة القوية التي تمشت في صدور التيوتون والأنجلوسكسون، والتي هي لدى الواقع أنبل ميراث أورثته العصور الوسطى للعالم، تحقق وجودها في القلاع القديمة التي احتمت وراء حصونها المذاهب اللاهوتية، ونعني بها الجامعات. فلا منطق الأسقف «بطلر» على قوته، ولا معقولات رئيس الأساقفة «بالي»
على روعتها، قد أغنت عن الكنيسة شيئا. فكما استطاع مفكرو الفلكيين من كوبرنيكوس إلى نيوتن أن يحطموا النظام الفلكي القديم الذي كانت الأرض فيه مركز النظام الكوني، والله الواحد القهار جالس فوق الجلد السماوي، على أنه السبب المباشر الذي يحرك الأجرام السماوية بيديه، كذلك استطاعت سلسلة منظومة من عظماء البيولوجيين أن ينقضوا الفكرة القديمة التي تركزت من حول خالق يعمل جاهدا في أن يصور الحيوانات، ويصبها في قالب خاص لتكون مفيدة للإنسان أنهم وضعوا للحياة نظاما جديدا. وهذا ما سوف نتكلم فيه بعد. (3) النظريات اللاهوتية والعلمية في تطور الطبيعة الحية
رأينا حتى الآن كيف تثبت في عقلية النوع البشري فكرة خلق الكون المنظور، وما يأهل به من الأحياء خلقا موقوتا كاملا، وفكرة وجود خالق على صورة بشرية وبخصائص بشرية، تكلم فبرزت المادة إلى الوجود فعلا بأن حرك أوتار صوته وشفتيه، أو أنه صور المادة بيديه وأصابعه ووضعها حيث هي موجودة الآن.
نامعلوم صفحہ