قال أبو سعيد -رحمه الله-: معي إنه يخرج في قول أصحابنا إنهم يأمرون المتمتع إلى العمرة بالحج على ما رجا المحرم أن يكون له في ذلك متعة، فإذا لم يرج أن يكون له في ذلك متعة وخاف أن يضيق /167/ عليه الخروج من العمرة أمروه بإفراد الحج. ولا أعلم في قولهم إنهم يأمرون بالقران للحج والعمرة، إلا أنه يخرج في معنى قولهم إنه تلزمه أحكام العمرة في ثبوت الطواف لها والمتعة عليها بالذبح. فإذا كان هكذا وأن أحكامها ثابتة أعجبني من غير مخالفة لقولهم: لمن لم يعتمر لثبوت معنى العمرة في عامة قول أهل العلم، ولمعنى أن القران تجب به العمرة. والذي أحبه للمحرم أن يعتمر ويتمتع لمعنى التمتع بالإحلال، والخروج من الإحرام، مما يخشى على نفسه من الإفساد للإحرام، ومن التعب في نفسه. فإن لم يمكنه ذلك ولم يخش على نفسه في طول الإحرام بالقران أعجبني القران لهذه العلة، فإن فعل فذلك أحب إلي، وإن أفرد بالحج جاز ذلك، وعليه العمرة، ولا تجزه العمرة عن الحج. والقران يجزيه عن العمرة والحج ويسعى، ولا يحل ولا يقصر، ويرجع يحرم بالحج في آخر سعيه وهو على المروة، ولا يحلق حتى يحل. فإذا قضى الحج مضى القارن على إحرامه ولم يحرم ثانية، وينظر في ذلك. [بيان، 23/167]
مسألة: واختلفوا فيمن ترك شوطا من طواف الزيارة، فقال عطاء: لا يجزيه يوم النحر إلى سعي واف، وهذا مذهب مالك والشافعي وأحمد وإسحاق وأبي ثور وغيرهم من أصحابنا. /173/ وكان سعيد بن أبي عروبة يقول: عليه دم. وقال أصحاب الرأي: يتم طوافه أربعة أشواط من طواف يوم النحر وطواف العمرة، ويسعى بين الصفا والمروة، ولم يكن طاف لعمرته أو حجته قبل ذلك ولا سعى، ثم رجع إلى الكوفة إن سعيه يجزيه، وعليه لما ترك من الطواف بالبيت دم.
صفحہ 147