/79/ ذكر الإحرام بعمرة من كتاب الأشراف
قال أبو بكر: أجمع أهل العلم على أن من أحرم بعمرة خارجا من الحرم أن الإحرام لازم له. واختلفوا فيمن أحرم بعمرة من مكة، فقال بعضهم: يخرج من الحرم فيلبي بها خارجا من الحرم ثم يرجع إلى البيت فيطوف ويسعى ولا شيء عليه. فإن لم يخرج حتى يطوف ويسعى ويحل ففيها قولان أحدهما: أن عليه دما لترك الميقات، وعمرته تامة. هذا قول أبي ثور وأصحاب الرأي، وهو أحد قول الشافعي. والقول الثاني: أنه إن لم يخرج وطاف وسعى أن ذلك لا يجزيه حتى يخرج من الحرم ثم يطوف ويسعى ويقصر أو يحلق ولا شيء عليه، ولو كان حلق وأهرق دما. هذا أحد قول الشافعي، وهو أشبههما. وحكى الثوري عن عطاء أنه قال فيمن أهل بعمرة من مكة: لا شيء عليه. قال سفيان: ونحن نقول: إذا أهل بها لزمته ويخرج إلى الميقات.
قال أبو بكر: يخرج إلى الحل، وإن لم يفعل وطاف وسعى أجزأه /80/ وكان عليه دم لتركه الميقات.
وقال أبو سعيد: معي إنه يخرج عامة قول أصحابنا إن العمرة لا تكون إلا من أحد المواقيت التي وقتها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - . وهذا يخرج عندي على مخصوص من ذلك ممن لزمه أن يخرج من الميقات الذي مضى عليه وهو يريد العمرة، وأما من كان دون ذلك فيعجبني أن لا يلزمه ذلك أن يخرج إلى الميقات، وثب له معنى الإحرام باتفاقهم على أن كل من أراد الخروج من مكة إلى خارج الحرم أن يطوف بالبيت، وعلى كل من أراد دخول مكة من خارج الحرم أن لا يدخل الحرم إلا محرما. فإذا ثبت معنى هذا فإن أحرم من أحد المواقيت فهو أفضل، وإن أحرم من الحل دون شيء من المواقيت ولم يكن يلزمه الإحرام من الميقات، إذ لم يكن بعد أن انعقد عليه معنى الإحرام بالعمرة، وكانت عمرته لإدخاله فيها الحل والحرم. وكذلك إن أحرم أعجبني أن ينعقد له الإحرام، وعليه أن يخرج لعمرته بكمال عمرته بجميع الحل والحرم. فإن لم يخرج وطاف وسعى وأحل أعجبني قول من قال: عليه دم.
صفحہ 140