بیان صریح
البيان الصريح والبرهان الصحيح في مسألة التحسين والتقبيح
اصناف
والجواب: والله الهادي أنا نعلم ضرورة أن أحدنا متى كان عالما مميزا لفعله فإنه لا يفعل إلا لداع، وإن كان يمكنه الفعل من دون الداعي فهذا الحكم معلوم، ولا أجد له علة إلا أن يرجح فعله على ترك أمر حادث على سبيل الجواز، فلا بد من مؤثر في ذلك الترجيح، والقادرية لا يعقل تأثيرها في الترجيح، وإنما يؤثر في الوجود، والترجيح أمر اعتباري لا وجود له في الخارج وهو أولية إيجاد الفعل فهو كالوجوب والجواز، فلا يعقل تأثيرها في الترجيح، وترجيح الشيء ليس نفس إرادته بل هو باعث عليها، ولا الترجيح هو نفس الداعي إلى الفعل بل الداعي هو المؤثر في الترجيح أي المقتضي؛ لأن الداعي علم الحي أو ظنه أن له في الفعل منعة أو دفع مضرة، فليس العلم بذلك هو نفس الترجيح، بل هو المؤثر في ترجيح الفعل وذلك يظهر مع التأمل، فالمرجح حكم مقتضي عن الداعي، كما أن صفحة العقل مقتضاة عن القادرية، لكنه أمر اعتباري كالوجوب والجواز إذ لا دليل على كونه حكما ثبوتيا له في الخارج ثبوت، فحصل من ذلك كله أن العالم المميز لفعله لا يفعله إلا بعد مرجح للفعل على الترك علمنا ذلك ضرورة، وإن كان قادرا على فعله من غير مرجح ولا مرجح إلا عن داعي، والباري تعالى عالم مميز لفعله، ولا يفعله إلا بعد الترجيبح، ولا مرجح إلا عن داعي له تعالى......القبيح فعلمنا أنه لا يفعله بالرد إلى ما علمناه في الشاهد ضرورة من أن العالم المميز لفعله لا يفعل إلا بعد مرجح، وأنه لايرجح إلا عن داعي إذ لا يفعل مؤثر في الترجيح سوى الداعي؛ لأنه يدور عليه نفيا وإثباتا، وليس ثم ما هو أولى بالثأير منه، ولا يتوهم متوهم من هذا الكلام أنا نقول بمقالة أبي الحسين في اعتبار المرجح مع الداعي فليس كذلك، بل يعتبر الداعي دون المرجح، فلو دعاه الداعي إلى أحد أمرين مستويين فقد حصل ترجح أحدهما لا بعينه فيفعل أيهما لأجل المرجح الأصلي الذي أثر فيه الداعي، ولا يفتقر إلى مرجح للذي اختاره بعينه كمسألة الرغيفين وقد مرت، لا يقال: إذا كان الباري تعالى قادرا على فعل القبيح من غير داع فلا سبيل لكم إلى القطع بأنه لا يفعله حينئذ، فإن قلتم الحكمة تصرفه عنه.
قلنا: أنتم الآن في الاستدلال عليها فيلزمكم الدور؛ لأنا نقول قد أورد هذا الفخر الرازي وهو غير لازم؛ لأنه وإن كان قادرا على فعله فنحن نقطع أنه لايفعله لغير داع إلى ما علمناه ضرورة في الشاهد كما قدمنا لا لأجل حكمته، فلا يلزمنا ماذكرت. انتهى.
وفي هذا تصريح من الرازي بنفي الحكمة وأن النزاع فيها كما مر تحقيقة.
وقال في ( الرسالة السعدية): ذهبت المعتزلة إلى أن الله تعالى عدل حكيم لا يفعل القبيح ولا يخل بالواجب، ومنعت الأشعرية من ذلك وأسندوا القبائح كلها إلى الله تعالى فلزمهم من ذلك محالات.
صفحہ 137