فقال لها الأمير بن ابن أبي سرح (هل تعرفينه؟) فقالت (إذا رأيته، عرفته) قال فمر الناس بين يديها حتى مر عبد الله بن الزبير فقالت (هذا والمسيح قتل أبي) فقال له ابن أبي سرح (لم كتمتنا قتلك إياه)؟ فقال عبد الله (علمه الذي قتلته من أجله) فقال الأمير (إذا والله أنفلك ابنته) فنفله ابن أبي سرح ابنة الملك جرجير فيقال إنه اتخذها أم ولد ولما انهزمت جيوش جرجير سار عبد الله بن أبي سرح حتى نزل باب مدينته العظمى قرطاجنة، فحصرها من كان معه من المسلمين حصارا شديدا أتى فتحت فأصاب فيها من السبي والأموال ما لم يحيط به الوصف وكان أكثر أموالهم الذهب والفضة فكانت توضع بين أيديه أكوام الفضة والذهب لأنه افترع أفريقية مبكرا فعجب هو والمسلمون من كثرة ذلك فقال للأفارقة: (من أين لكم هذا؟) فجعل الرجل منهم يلتمس شيئًا من الأرض حتى بنواة زيتون، فقال: (من هذا أصبنا الأموال لأن أهل البحر والجزر ليس لهم زيت فكانوا يمتارونه من هنا) فكان سهم الفارس ثلاثة آلاف دينارا عينا وسهم الراجل ألف دينار وقسم ابن أبي سرح السرايا والغارات من مدينة سيبطلة فبلغت جيوشه بقصر قفصة فسبوا كثير وغنموا فأذلت هذه الوقعة الروم بأفريقية ورعبوا رعبًا شديدًا فجاءوا إلى الحصون والمعاقل ثم طلبوا من عبد الله بن سعد أن يقبض منهم ثلاثمائة قنطار من الذهب في السنة جزية على أن يكف عنهم ويخرج من بلادهم فقبل ذلك منهم وقبض المال وكان في شرط صلحهم أن ما أصاب المسلمون قبل الصلح فهو لهم وما أصابوه بعد الصلح ردوه عليهم ودعا الأمير عبد الله بن سعد عبد الله بن الزبير فقال له (ما أحد أحق بالبشارة منك فامض فبشر أمير المؤمنين عثمان ﵁ بالمدينة، بما أفاء الله على المسلمين) فتوجه عبد الله بن الزبير
1 / 12