آلِهَةً إِنْ يُرِدْنِ الرَّحْمَنُ بِضُرٍّ لا تُغْنِ عَنِّي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا وَلا يُنْقِذُون ِإِنِّي إِذًا لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ﴾ ١ فهذا دليل فطري عقلي سمعي.
الإحاطة بما في اللوح المحفوظ علما ليس إلا لله –تعالى- وحده
وأما قول المعترض: إن قول الناظم: ومن علومك علم اللوح والقلم: أن "من" بيانية.
(فالجواب): أنه ليس كما قال؛ بل هي تبعيضية، ثم لو كانت بيانية فما ينفعه، والمحذور بحاله، وهو أنه يعلم ما في اللوح المحفوظ، وقد صَرَّحَ المعترضُ بذلك فقال: ولا شك أنه أوتي علم الأولين والآخرين، وعلم ما كان وما يكون.
(فالجواب): هذه مُصادمة لما هو صريح في كتاب الله وسنة رسوله ﷺ بأن الإحاطة بما في اللوح المحفوظ علما ليس إلا لله –تعالى- وحده، كذلك علم الأولين والآخرين ليس إلا لله وحده، إلا ما أطلع الله عليه نبيه في كتابه كما قال تعالى: ﴿وَلا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلاَّ بِمَا شَاءَ﴾ ٢. فالرجل في عمًى عن قول الله –تعالى-: ﴿بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ﴾ ٣. وقال تعالى: ﴿اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاَطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا﴾ ٤ وقد تقدم لهذه الآيات نظائر.
اختص الله –تعالى- بعلم الغيب كله
فإحاطة العلم بالموجودات والمعدومات التي وجدت أو ستوجد، لله وحده لم يجعل ذلك لأحد سواه، وقال –تعالى-: ﴿يَسْأَلونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي لا يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إِلَّا هُوَ﴾ ٥ فأسند علم وقت الساعة إلى ربه بأمره؛ كقوله تعالى: ﴿يَسْأَلونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا فِيمَ أَنْتَ مِنْ ذِكْرَاهَا إِلَى رَبِّكَ مُنْتَهَاهَا﴾ ٦. وأمثال هذه الآيات مما يدل على أن الله –تعالى- اختص بعلم الغيب كله إلا ما استثناه بقوله: ﴿وَلا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلاَّ بِمَا شَاءَ﴾ ٧ و"من" تبعيضية ههنا بلا نزاع. وقد قال الخضر لموسى ﵉: "ما نقص علمي وعلمك من علم الله إلا
_________
١ سورة يس آية: ٢٣.
٢ سورة البقرة آية: ٢٥٥.
٣ سورة البقرة آية: ٢٥٥.
٤ سورة الطلاق آية: ١٢.
٥ سورة الأعراف آية: ١٨٧.
٦ سورة النازعات آية: ٤٢.
٧ سورة البقرة آية: ٢٥٥.
1 / 254