قالوا: أقبل أبو الوليد بغير الوجه الذي ذهب به. ولما قرأ رسول الله ﷺ القرآن في الموسم على النفر الذين حضروه من الأنصار آمنوا به وعادوا إلى المدينة فأظهروا الدين بها، فلم يبق بيت من بيوت الأنصار إلا وفيه قرآن. وقد روي عن بعضهم أنه قال: فتحت الأمصار بالسيوف وفتحت المدينة بالقرآن.
ولما سمعته الجن لم تتمالك أن قالت: ﴿إنا سمعنا قرآنا عجبا يهدي إلى الرشد فآمنا به﴾ ومصداق ما وصفناه في أمر القرآن في قوله تعالى: ﴿لو أنزلنا هذا القرآن على جبل لرأيته خاشعا متصدعا من خشية الله﴾، وفي قوله ﴿الله نزل أحسن الحديث كتابا متشابها مثاني تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم ثم تلين جلودهم وقلوبهم إلى ذكر الله﴾، وقال سبحانه: ﴿أولم يكفهم أنا أنزلنا عليك الكتاب يتلى عليهم﴾. وقال سبحانه: ﴿وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيمانا﴾. وقال سبحانه ﴿وإذا سمعوا ما أنزل إلى الرسول ترى أعينهم تفيض من الدمع مما عرفوا من الحق﴾ في آي ذوات العدد منه، وذلك لمن ألقى السمع وهو شهيد، وهو من عظيم آياته، ودلائل معجزاته.
والحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب ولم يجعل له عوجا، قيِّما، ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا، وصلى الله على محمد خاتم الأنبياء والمرسلين، غيظ الكافرين، وحتف الملحدين، المبعوث بدين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون.
وحسبنا الله ونعم الوكيل.
1 / 71