قطعت به الأرض أو كلِّم به الموتى﴾ الآية ثم لم يذكر جوابه، وفي ذلك تبتير الكلام وإبطال فائدته. وكقوله سبحانه: ﴿حتى إذا جاءُوها وفتحت أبوابها﴾ الآية ونظائرها. ثم قد يوجد فيه على العكس منه التكرار المضاعف كقوله سبحانه في سورة الرحمن ﴿فبأي آلاء ربكما تكذبان﴾ وفي سورة المرسلات: ﴿ويل يومئذ للمكذبين﴾، وليس واحد من المذهبين بالمحمود عن أهل اللسان، ولا بالمعدود في النوع الأفضل من طبقات البيان. وقد يدخل بين الكلامين ماليس من جنسهما ولا قبيلهما كقوله سبحانه: ﴿لا تحرك به لسانك لتعجل به إن علينا جمعه وقرآنه فإذا قرأناه فاتَّبع قرآنه ثم إن علينا بيانه﴾ عقيب قوله ﴿بل الإنسان على نفسه بصيره، ولو ألقى معاذيره﴾ بين يدي قوله ﴿كلا بل تحبون العاجله وتذرون الآخرة﴾ وليس ذلك بالمستحسن ولا بالمختار عند أهل البلاغة وأرباب البيان، والأحسن أن يكون الكلام مفصلًا مقسومًا على أبوابه، وأن يكون لكل نوع منه حيز وقبيل لا يدخل في قبيل غيره.
قالوا: لو كانت سور القرأن على هذا الترتيب فتكون أخبار الأمم وأقاصيصهم في سورة، والمواعظ والأمثال في سورة، والأحكام في أخرى لكان ذلك أحسن في الترتيب، وأعون على الحفظ، وأدل على المراد؛ في أمور غير هذه يكثر تعدادها.
والجواب: أن القول في وجود ألفاظ القرآن وبلاغتها على النعت الذي،
1 / 40