المتوفى سنة 203 قبل الميلاد.
وقد فوض إليه الرومان الحكم بأمره في سنة 217 قبل الميلاد بلقب «دكتاتور»، مكافأة له على بلائه في خدمة الدولة، وتزويدا له بالسيطرة اللازمة لمحاربة هانيبال بأسلوبه المعروف.
وكان أسلوبه هذا قائما على الحرب المتقطعة والمناوشات المفاجئة، التي تنهك العدو وتحيره وتجره إلى المواقع التي لا ينتفع فيها بمزاياه العسكرية قبل الاشتباك معه في موقعة فاصلة.
وقد نسبت إليه الجماعة الفابية في إنجلترا؛ لأنها أرادت أن تجري على هذه الخطة في الدعوة إلى مبادئها ومحاربة العناصر التي تعاديها، فهي لا تعول على «الضربة القاضية» كما يعول عليها الماركسيون الشيوعيون، ولا تيأس من إصلاح المجتمع بالمناوشات والمساجلات في غير عنف ولا اضطرار إلى سفك الدماء.
والفابيون لا يؤمنون بالعداء بين الطبقات، ولا يرون ضرورة لإعلان الحرب بينها، وإثارة البغضاء في نفوس أبنائها، ومن تحقيقاتهم التي يسجلونها ويذيعونها أن أحوال العمال والأجراء تتحسن بالوسائل التشريعية والإصلاحية، ولا تسوء على الدوام كما يرى الماركسيون الشيوعيون.
تأسست الجماعة في سنة 1884 وفيها نحو أربعين من نخبة الباحثين والمفكرين، ولم يزد عدد أعضائها قط على ألفين في وقت من الأوقات، وخير أعمالها الاجتماعية قائم على الدعوة وتمكين المجالس البلدية والنقابات من تحسين أحوال الأجراء والعمال.
وغني عن القول أن الاشتراكية الفابية - كغيرها من المذاهب الاشتراكية - هي حركة إصلاح في المجتمع والحكومة، وليست مجموعة من الآداب والوصايا تحض على الرحمة والعطف والبر بالفقراء والمحرومين، فهي كما قال في «الدليل أو المرجع السياسي للجميع»: «ليست صدقة ولا عاطفة من عواطف الرأفة والمحبة أو الشفقة على الفقير، وليست نزعة من نزعات الخير والاحسان في الأمة تنزع إلى إعطاء بعض الشيء لغير شيء بين الصدقة والتسول، ولكنها هي كراهية الاقتصادي للتلف والخلل، وكراهية صاحب الذوق للدمامة والقذارة، وكراهية القانوني للظلم والإجحاف، وكراهية الطبيب للعلل والآفات، وكراهية القديس للخطايا السبع الكبار.»
وأغراض هذه الاشتراكية كثيرة متشعبة، ولكننا إذا لخصناها على حسب دعوة «شو» أمكن أن تنحصر في غرض واحد تتبعه جميع الأغراض، وهو توفير المال في أيدي الجميع.
فالمال عند «شو» شيء مقدس مطلوب عميم النفع والوقاية، والاهتمام الشائع به هو علامة الأمل الوحيدة في حضارتنا والموضع السليم الوحيد في الضمير الاجتماعي، وهو - كما جاء في مقدمة روايته «ماجور بربارا » - أهم شيء في العالم ، «يمثل الصحة والقوة والشرف والكرم والجمال تمثيلا فيه من الكفاية ما في عدمه من تمثيل المرض والضعف والعار والخسة والدمامة، وليس أقل فضائله أنه يوبق الأردياء كما يحوط النبلاء بالمناعة والكرامة».
ولا تناقض بين نشدان المال ونشدان المتعة الروحية في عقيدة شو، ففي كتابه «بيت القلب الكسير» يجري هذا الحوار بين شخصين من شخوصها على هذا السياق:
نامعلوم صفحہ