ولا نستطيع أن ننسى هنا أن مثل هذه المهمة قد طلبت من برنارد شو عن ه. ج. ويلز، فكتب عنه أنه واحد من أولئك الناهضين الذين انفجرت نهضتهم أولا في القرن السادس عشر، وأن العالم ارتقى بمؤلفاته التي أرشد قراءه فيها نحو المستقبل، وهنا فرق بين كاتبين.
وتعود الخصومة بين شو وويلز إلى سنة 1905 حين أراد ويلز أن يغير خطة الجمعية الفابية الاشتراكية ويزيد عليها نشاطا آخر رأى شو أنه ليس من شأنها؛ إذ هي مختصة بنشر الاشتراكية فقط، وانهزم ويلز وخرج من الجمعية غاضبا على برنارد شو، ومن هذه المشاجرة الأولى نشأت خلافات وأحقاد، ولكن حدث أن وقع ه. ج. ويلز في مأزق من تلك المآزق الأخلاقية التي كان كثير الوقوع فيها، أو هكذا على الأقل رواية القصة، ولا ندري عنها أكثر من أن ويلز بعث بخطاب يشكر فيه شو لموقفه العالي نحوه ويرجوه أن ينسى إساءاته القديمة إليه، ولكن هذا الموقف لم يمنع ويلز من كتابة الترجمة الدنيئة لجريدة الديلي إكسبريس.
وكتب برنارد وصيته التي جاء فيها:
إني أرغب في أن يحرق جثماني، ثم يجمع الرماد ويخلط بالرماد المتخلف من زوجتي خلطا لا ينفصل، ورماد زوجتي مودع الآن أمانة في مرمدة جولدرزجرين، ويحفظ خليط الرمادين في إناء وينشر فوق أرض الحديقة بمنزلنا في أبوت سان لورنس حيث عشنا معا خمسا وثلاثين سنة، ولكن يمكن منفذي الوصية أن يغيروا في مصير الرماد إذا شاءوا، وأنا شخصيا أفضل نشر الرماد في الحديقة.
وقد أنفذت رغبته كما شاء.
وزاد في الوصية قوله:
بما أن عقائدي الدينية وآرائي العلمية في الوقت الحاضر، لا يمكن أن أضع لها تعريفا أكثر من أني أؤمن بالتطور الخالق، فإني أرغب في ألا يقام لي نصب أو يصنع لي تمثال أو صورة فنية، أو تنقش بشأني كتابة، أو يلقي أحد عني عظة، أو تعقد بشأني حفلة دينية على سبيل التذكار، ولا يحتوي شيء من هذا على ما يوهم أني اعتنقت أو قبلت العقائد الخاصة بإحدى الكنائس، وأن يتخذ هذا التذكار علامة الصليب أو أية أخرى للتعذيب أو التضحية الدموية.
وبكلمة أخرى مات برنارد شو ملحدا في معنى الإيمان بالأديان أو العقائد الدينية.
وترك برنارد شو تركة قدرت بمبلغ 767323 جنيها حصلت الحكومة منها على الضريبة وقدرها 380571 جنيها أي نحو النصف، ومع ضخامة هذه الضريبة فإن برنارد شو لم يكن ليأسف عليها، إذ هو كان من أعظم الدعاة لزيادة الضرائب التي تمكن الحكومة وهيئاتها المختلفة من القيام بالإصلاحات المدنية والاشتراكية والاجتماعية.
وكان أول ما عني به في وصيته أن عين منها مقادير (غير كبيرة) للمسنين من أسرته خئولة وعمومة، وكذلك فعل لأصدقائه.
نامعلوم صفحہ