ولذلك لا نستطيع أن نلوم برنارد شو على حملته على الطب في 1906، بل كذلك لا نلومه على استهجان الأطباء في اعتمادهم على الحقن الإلزامي للطعم المضاد للجدري، فقد شاركه هربرت سبنسر في ذلك، وظني أنهما لم ينتهيا إلى هذا الرأي إلا لاستصغارهما شأن الطب، حتى صار كل ما فيه عندهما سيئا، وكانا بالطبع مخطئين، ولكن برنارد شو يتناول ناحية أخرى من الطب هي اعتماد الأطباء على التجربة في الحيوان الحي، وهو هنا إنساني فقط بعيد عن الروح العلمية، وبدهي أنه إذا اصطدمت عواطفنا الإنسانية في شأن كهذا بعقولنا وتجاربنا فإنه يجب أن نسلم بقيمة التجربة. وليس شك أن الحيوان يتألم، ولكن المنفعة التي تعود على النوع البشري تستحق هذا الألم الذي يجب أن نتسامح فيه إلى حدود معينة.
وواضح بعد ذلك أن لبرنارد شو موقفا اجتماعيا نحو حرفة الطب، وقد عاش حتى رأى تأميم الطب، أو شيئا منه، في إنجلترا.
والطبيب الحر، قبل التأميم، كان يجد أن مصلحته المالية تتفق وتفشي الأمراض؛ لأنها تزيد عدد المرضى ثم مقدار الربح منهم، ولكن الطبيب في نظام التأميم إذا تم يجد مصلحته في قلة الأمراض؛ لأنه يكلفه العلاج بأجر معين لا يتغير، فمن مصلحته أن ينقص عدد المرضى. •••
في آخر المقدمة المسهبة التي كتبها برنارد شو لدراسته «ورطة الطبيب» نجد هذه الخلاصة المثالية لرأيه في الطب والأطباء: (1)
ليس هناك ما هو أكبر خطرا من الطبيب الفقير حتى صاحب المصنع أو صاحب الأرض الزراعية ليسا أكبر خطر منه. (2)
ليس بين المصالح المؤسسة على الشرور الاجتماعية ما هو أعمق في الشر من المصلحة القائمة على استغلال المرضى. (3)
تذكر أن المرض جريمة، وأن الطبيب الذي يهمل الإبلاغ عنه للسلطة الطبية الرسمية في البلاد يعد شريكا في هذه الجريمة. (4)
انظر إلى كل وفاة في ظروفنا الحاضرة، باعتبارها جناية قتل أو اغتيال، وذلك بأن نجعلها موضوعا لتحقيق على يد النيابة العامة، فإذا ثبت أن الطبيب المعالج هو السبب للوفاة فيجب الحكم عليه بمحو اسمه من جدول الأطباء. (5)
يجب أن نعرف ونقدر عدد الأطباء الذين يحتاج إليهم الشعب، فلا نزيد عليهم ولا ننقص منهم، ويجب أن نجعل الطبيب موظفا عاما في الدولة ونعطيه أجرا كافيا من الميزانية يحفظ كرامته. (6)
عامل الطبيب الحر الذي يعمل وهو غير موظف بالدولة كما تعامل الجلاد الحر. (7)
نامعلوم صفحہ