وحدث أن احتاج وليم آرتشر في سنة 1924 إلى إجراء عملية جراحية خطيرة، وكان وقتئذ في نروج وفي مثل هذه الظروف يذكر الإنسان دنياه التي قد تزول فجأة إزاء المجهول في التردد بين الحياة والموت؛ ولذلك كتب قبل إجراء العملية بساعات هذا الخطاب إلى برنارد شو:
عزيزي برنارد شو
عرفت، بعد أن كتبت إليك خطابي الأخير أني محتاج إلى إجراء عملية جراحية هذه الأيام، وسأذهب إلى المستشفى غدا، ولست أعرف إذا كانت هذه العملية خطيرة جدا أم لا، والواقع أني أحس الصحة الكاملة، وظني أني سأنهض منها معافى، ولكن مع ذلك قد يحدث غير ما ننتظر، هنا أجد العذر لأن أقول لك كلمة أرجو واؤمل أنه لم يدخلك شك قط بشأنها، وهي أني على الرغم من بعض مواقفي نحوك وأني كنت أخاطبك وأعاملك أحيانا بلهجة اللوم والتأنيب، فإني لم أتردد قط في إعجابي بك وحبي لك ولم أكف عن الإحساس بأن الأقدار قد حابتني حين جعلتك صديقا لي وجعلتني أعيش في هذه الصداقة سني حياتي، إني أشكرك من قلبي لأربعين سنة أمضيتها في زمالتك، ومهما قيل عني فلن يقال إني لم أعش في مجتمع حسن.
تناولت غذائي اليوم مع ملك نروج والأمير أولاف.
تحياتي وتسليماتي إلى زوجتك وهنيئا لكما.
المخلص و. آرتشر
عام 1935
ووصل الخطاب إلى برنارد شو بعد وفاة آرتشر.
ونحن نتنهد في شجن لهذه الصداقة السامية التي ربطت هذين الأديبين، فلقد اختار كل منهما الآخر لما فيه من سمات عالية يجد فيها ما يرفعه ويرقيه، وارتقى كل منهما بهذه الصداقة واستمتع بها بأكثر مما يستمتع الحبيبان بحبهما.
وكلمة الحب تذكرنا بصداقة أخرى مارسها برنارد شو، وأنت بعدما تقرأ ما سأقوله عنها ستتساءل: هل كانت هذه صداقة أم حبا؟
نامعلوم صفحہ