روي هذا الحديث أيضًا عن مالك محمد بن شهاب الزهري رحمهما الله تعالى، وحدث به هو، ويحيى جميعا عن مالك، وكانت وفاة الزهري سنة أربع وعشرين أو خمس وعشرين مائه، فبين وفاة يحيى ومحمد نحو مائة سنة وعشرة أعوام، وقد اتفقا معا في رواية هذا الحديث عن مالك، وهذا من النادر المستطرف، وقد أسندنا الحديث المذكور في كتاب مستفاد الرحلة، والاغتراب، وتكلمنا عليه هنالك بما أغني عن إعادته هنا، وبالله التوفيق.
ومما تقدم لنا في هذا الإسناد مما يحتاج إلى الضبط، والتقييد محمد بن فرج مولي الطلاع، وهو بفتح الراء وبالجيم، وقيل فيه ابن الطلاع، وقيل مولي محمد بن يحيى البكري المعروف بابن الطلاع وكل ذلك بالعين في آخره، وقال سراج بن عبد الملك اللغوي الحافظ: الصواب فيه ابن الطلاء بالهمزة، لأن أباه فرجًا كان يطلي مع سيده اللجم بالربض الشرقي من قرطبة بإزاء باب الجديد، ومن قال ابن الطلاع بالعين فقط فقد أخطأ، وقال أبو عبد الله بن هشام النحوي اللغوي السبتي هو ابن الطلاع بالعين المهملة، وقيل له ذلك لأن أباه كان يطلع نخل قرطبة، قلت: ووجدت عن بعض أهل الحديث أنه إنما قيل له ابن الطلاع، لأن أباه كان يطلع الدهان مع سيده، فعلى هذا يكون الطلاع والطلاء معًا بمعني واحد، والله تعالى أعلم.
وتقدم أيضًا فيه ابن الصفار، وضبطه بالصاد، وضبطه بعض أهل الحديث بالسين، وقال: لأن أباه كان سفيرًا بين الملوك، والله تعالى أعلم.
وتقدم لنا في نسب يحيى، أنه ليثي بالولاء، وقد يعتقد من لا علم له بأنه ولاء العتاقة، وليس كذلك، إنما هو ولاء الإسلام، أسلم وسلاس علي يدي يزيد المذكور
1 / 56