وكانت «ماري» تتوقع أن يتفاوض الحبيبان فيما مر بهما وما صارا إليه، فكانت تبذل المجهود لاجتناب ذلك مخافة أن يزعج الكلام زوجها ويتعبه، لكنها لم تستطع إخفاء أحدهما عن الآخر؛ لأن الباب الذي بين الغرفتين كان مفتوحا للهواء، فلما أفاقت مدام «ڤلمورين» دنت «ماري» من زوجها فقبلته وكاشفته في ضمن تلك القبلة ما تخاف، فصمت واكتفى بالسكوت جوابا، وكانت الكونتة تنظر إليهما متتبعة ما يفعلان، فلما صمت «ڤكتور» ابتسمت وقالت ل «ماري»: إنه غير مبال بما أوجست منه خوفا، وقد استوى عنده حضورها وغيابها، فإن الحب الذي كابداه قد مات، فلن يذكره أحد منهما قط، وإنما يليق بالشعراء أن يذكروه، فإنه من ظريف معاني الشعر موت الهوى تحت الزهر.
وقد صحت ظنون العجوز وصدقت أقوالها جملة وتفصيلا، فما جرى بين «ڤكتور» و«أليس» عتاب ولا خطاب، بل انفصلا من غير حديث ولا كلام، وحمل كل منهما إلى منزله، فأقاما حينا من الزمن يمرضان ويداويان حتى حصل لهما الشفاء التام، فقالت الباريسية الحسناء لأمها ذات يوم: أماه، لقد كفاني ما رأيته عبرة، وشفاني من داء الحدة والطيش، فلست متعدية من بعده حدود الرشد والحكمة. - وأنا قد عزمت على بيع أرضنا التي في «بواتو» - بلد «ڤكتور». وكان «ڤكتور» على مثل حالة المركيزة من السلو، ينشد بلسان الحال قول من قال:
إنني بعد بعدكم قد سقيت
من مدام السلو حتى رويت
لم يزل بي ساقي التسلي يساقي
ني كؤوسا من بعدها ما ظميت
نزع الحب من فؤادي فسبحا
ن إله يحيي الهوى ويميت
قد جعلت الهوى وعدت كأني
من سلوى ما كان ما قد هويت
نامعلوم صفحہ