29

بینک مرکزی

البنك المركزي في العصور المختلفة

اصناف

وأما المحاولة الرابعة فقد كانت عن طريق أبحاث جرت بين البنك الأهلي والحكومة بين سنتي 1904، 1907 أراد منها البنك أن يزيد من اختصاصاته بأن يكتسب صفة البنك المركزي فوق أعماله التجارية الواسعة النطاق التي قد يتنازل مطمئنا عن قسم منها لبعض البنوك الإنجليزية، وبهذا تتم سيطرة رءوس الأموال الإنجليزية على مصر.

وأما المحاولة الخامسة فقد دعا إليها المرحوم طلعت باشا حرب في كتاب له عنوانه: «البنك الوطني وعلاج مصر الاقتصادي» طبعه سنة 1912. وقد أراد من إنشاء بنك مصر أن يحقق به تلك الفكرة - كما أخبرني رحمه الله - وقد ظل ينتظر بفارغ الصبر انتهاء امتياز البنك الأهلي ليحل بنك مصر محله في إصدار البنكنوت، ويكون بنكا مركزيا يضطلع بنهضة البلاد. ولم يغب هذا عن البنك الأهلي فأعد له العدة.

وأما المحاولة السادسة فقد كانت فرصة عرف البنك الأهلي كيف يستغلها حين انكشف في سنة 1940حساب الحكومة الجاري في البنك بمبلغ مليوني جنيه، وحين أراد بنك مصر أن يقترض منه كما كانت تقرض البنوك الأخرى على سندات الدين الموحد وسبائك الذهب. فاشترط البنك الأهلي لإمهال الحكومة في دفع دينها ولمساعدة بنك مصر على اجتياز أزمة عابرة أن تستصدر الحكومة قانونا من البرلمان يمد امتيازه أربعين سنة، وقد تعهد لها البنك الأهلي بأن يتحول إلى بنك مركزي. وقد قبلت الحكومة ذلك مرغمة تحت ضغط الحوادث، كما قال وزير ماليتنا. (2) استعداد الحكومة

وما زال البرلمان بمجلسيه يطالب الحكومة كل عام أن تتخذ لمصر بنكا مركزيا، والحكومة تعد، حتى لقد بلغ بها الأمر أن ذهبت إلى ما هو أبعد من ذلك، فقد جاء في خطاب العرش في نوفمبر سنة 1946 ما نصه:

وتقدمت الأبحاث المتعلقة بالأرصدة وبنظام العملة المصرية وبالبنك المركزي. وأصبحت الحكومة المصرية على أتم استعداد لأن تتناول بالعمل الإيجابي هذه الموضوعات الهامة، سواء من حيث ما يستدعيه علاجها من تشريعات، أو من حيث التدابير التي تتخذ مع المؤسسات الحالية.

انتهت الدورة البرلمانية، ولم تنفذ الحكومة ما أتمت دراسته، ولم تتناول بالعمل الإيجابي موضوع البنك المركزي، ولم تتخذ مع المؤسسات الحالية أي تدبير.

وفي نوفمبر سنة 1947 جاء في خطاب العرش ما نصه:

وقد حان الوقت لإنجاز ما وعدت به حكومتي من تأميم البنك الأهلي تحقيقا لاستقلالنا الاقتصادي وتدعيما لنقدنا المصري.

وقد استفسرت اللجنة المالية بمجلس الشيوخ من الحكومة عما أعدته من تشريع في هذا الصدد، فتبين لها أنه لم يوضع بعد. وانتهت الدورة كسابقتها ولم تنفذ الحكومة ما أعلنت استعدادها للقيام به أكثر من مرة. (3) المشروع المقدم مني لتحويل البنك الأهلي إلى بنك مركزي

ولقد رأيت - بوصفي عضوا بمجلس الشيوخ - أن أضع حدا للأضرار المحيطة بنا؛ فقدمت في الثاني من يناير سنة 1946 مشروع قانون لتحويل البنك الأهلي إلى بنك مركزي للدولة المصرية على أساس شركة شبه حكومية رأس مالها عشرون مليونا من الجنيهات تملك الحكومة منه 51٪ والباقي يكتتب به المساهمون الحاليون - إذا هم أرادوا - والبنوك والهيئات المالية والأفراد، فلا يقل نصيب المصريين فيه عن 80٪ على أقل تقدير.

نامعلوم صفحہ