كتاب البالغ المدرك
بالله تعالى أستعين وأتوكل.
قال الهادي إلى الحق يحيى بن الحسين صلوات الله عليه: يجب(1) على البالغ المدرك في بلاد الكفر وغيرها؛ أن ينظر إلى هذه الأعاجيب المختلفات؛ المدركات بالحواس، من السماء والأرض وما بث فيهما من الحيوان، المجتلبة إلى أنفسها المنافع، ، النافرة عن المضار؛ أنها محدثة؛ لظهور الإحداث فيها، معترفة بالعجز على أنفسها؛ أنها لم تصنع أنفسها، ولم تشاهد صنعتها، وتعجز أن تصنع مثلها، وتعجز أن تصنع ضدها. فلما شهدت العقول على أن هذا هكذا؛ ثبت أن لها مدبرا حكيما دبرها، ومعتمدا اعتمدها، وقاصدا قصدها، ليس له شبيه، ولا مثيل؛ إذ المثل جائز عليه ما جاز على مثله؛ من الانتقال والزوال، والعجز والزيادة والنقصان. وأن بإحداثه إياها له المنة عليها، إذ كانت الرغبة(2) منها في البقاء، ونفورها عن الفناء؛ دالة على المنة عليها بالبقاء، وأن الممتن عليها ببقائها؛ هو المنعم عليها بإحداثه إياها.
صفحہ 168