بلاغة الغرب
بلاغة الغرب: أحسن المحاسن وغرر الدرر من قريض الغرب ونثره
اصناف
وقد توفي بباريس في 23 مايو سنة 1908، واحتفلوا بجنازته احتفالا شائقا يليق بمقامه الرفيع وبكاه القريض الفرنسي قبل الشعراء.
جواب الآفاق
Le Passant
رواية تمثيلية ذات فصل واحد (يحتوي المرسح على روض بهيج خلوي، يضيئه القمر، وعلى يمينه بيت جميل، توفرت فيه أسباب السرور بصنوفه، قائم على سفح أكمة، وبجانب الحائط مقعد خشبي قديم، وتظهر من بعد داخل المرسح معالم مدينة فلورنسا، ولا يكاد يحققها الرائي، والسماء صافية تتلألأ في كبدها نجومها.)
سيلفيا (وحدها ترى سيلفيا لابسة ثوبا أبيض عارية الكتفين والذراعين، متكئة على حاجز الممشى، مسرحة نظرها في روضها الجميل) :
لعن الله الحب فقد صير العين جامدة والدمع عصيا. (ثم تنزل ببطء إلى حضيض الأكمة.)
لقد قضيت صباي في سلب العقول واختطاف النهى، وأنا الأميرة الخبيثة، ويقبل يدي الجميع كملكة وهم صاغرون، وكان قلبي لا يشعر ولا يحفل بقبلهم الحارة، فمن يخال أني بعدما بلغت هذا الشأو البعيد أسأم وأمل.
السماء باقية على صفائها الجميل، مضى عليها شهران ولم تمطر، والصيف وسكونه ولياليه المحبوبة، ولا ريب أن الشعراء والمغنين يسعدهم الحظ وينفحهم بتشبيهات سمجة، وأرى اسمي تتقاسمه القوافي مع أسماء الأزهار؛ فلا تكاد تقع عيني على قصيدة إلا وأبصر اسمي فيها، حتى امتلكت القلوب وصرت أغبط على هذه المنحة الجليلة.
وهؤلاء المتملقون الصاغرون لا أنظر إليهم إلا بعين ملؤها الازدراء والاحتقار، وهذا «التوسكاني» بطل الوقائع والحوادث المتقلب في النعم الجزيلة، يطرح تحت قدمي الحلي من ذهب وجوهر، وذاك القاضي يتيه كبرياء وإعجابا، والآخر وزير مال «جنوة» يتنافسان في عرض نفيس الماس وغرر الدرر أمام ناظري؛ لينظرا لمن يكون الغلب والظفر، فيستلفت عيني نحو هديته الغالية، ولكن هيهات لما يؤملون، فإني أبغضهم واحتقرهم، وكل هؤلاء الرجال ذوي القلوب الخوالي ليتهم يحبونني مفاخرة كحبهم لي لقضاء مآربهم.
إنني لأتألم من هذه الحياة؛ إذ الموت خير من حياة بلا حب، وقد أصبحت لا أملك شيئا من ذخائر الحب حتى زهرة جافة أحفظها في كتاب، أو خصلة من شعر، أو كلمة حلوة تسترق القلوب يفكر فيها الإنسان قبل نومه؛ حتى صارت الحياة خلوا من المسرات، كما لا يشوبها ضر أو فزع أشكو أو أستغيث منه؛ فوا أسفا صرت لا أستطيع البكاء ولو خفية، أواه من حزن ضاق به الصدر ذرعا، وهم يكاد يتفطر منه القلب. (مشيرة إلى المدينة التي تظهر من بعد)
نامعلوم صفحہ