82

بحر محیط

البحر المحيط في أصول الفقه

ناشر

دار الكتبي

ایڈیشن نمبر

الأولى

اشاعت کا سال

1414 ہجری

پبلشر کا مقام

القاهرة

فَقِيلَ: لَيْسَ مِنْهُ كَسْبِيٌّ، بَلْ جَمِيعُ التَّصَوُّرَاتِ لَا تُكْتَسَبُ بِالنَّظَرِ. وَاخْتَارَهُ الْإِمَامُ فِي الْمُحَصَّلِ "، فَقَالَ: إنَّ التَّصَوُّرَاتِ كُلَّهَا بَدِيهِيَّةٌ. وَالْجُمْهُورُ عَلَى أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ التَّصَوُّرِ وَالتَّصْدِيقِ يَنْقَسِمُ إلَى الْكَسْبِيِّ وَالْبَدِيهِيِّ. قِيلَ: وَمَذْهَبُ الْإِمَامِ بُطْلَانُهُ؛ لِأَنَّهُ يَكَادُ يَكُونُ مِنْ قِسْمَيْ الضَّرُورِيِّ؛ لِأَنَّهَا لَوْ كَانَتْ بَدِيهِيَّةً لَمَا وَجَدْنَا أَنْفُسَنَا طَالِبَةً لِتَصَوُّرِ الْمَلَكِ وَالْجِنِّ، وَلَمَا طَلَبَتْ أَيْضًا حُدُوثَ الْعَالَمِ، أَوْ إمْكَانَهُ، وَلَمَا اخْتَلَفَتْ الْعُقَلَاءُ فِي ذَلِكَ، وَهُوَ بَاطِلٌ بِالضَّرُورَةِ، لَا جَرَمَ فِي غَيْرِ هَذَا الْكِتَابِ وَافَقَ الْجُمْهُورَ. فَالتَّصَوُّرُ الْبَدِيهِيُّ كَمَعْرِفَةِ الْحَرَارَةِ وَالْبُرُودَةِ، وَالنَّظَرِيُّ كَمَعْرِفَةِ الْمَلَكِ وَالرُّوحِ، وَالتَّصْدِيقُ الْبَدِيهِيُّ كَالْعِلْمِ بِأَنَّ النَّفْيَ وَالْإِثْبَاتَ لَا يَجْتَمِعَانِ، وَالنَّظَرِيُّ كَالْعِلْمِ بِأَنَّ الْعَالَمَ حَادِثٌ. وَقَالَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ فِي شَرْحِ الْكِفَايَةِ ": قِيلَ: الضَّرُورِيُّ هُوَ الَّذِي لَا يَرِدُ عَلَيْهِ شَكٌّ. وَالصَّحِيحُ: أَنَّهُ الَّذِي لَا يَقَعُ عَنْ نَظَرٍ وَاسْتِدْلَالٍ، وَهَذَا بِالنِّسْبَةِ إلَى الْعَقْلِيِّ مِنْهُ أَمَّا الْحِسِّيُّ فَهُوَ الْعِلْمُ بِالْمَحْسُوسَاتِ. وَأَمَّا الْمُرَكَّبُ مِنْهُمَا فَإِنْ كَانَ الْحِسِّيُّ سَمْعًا فَهُوَ الْمُتَوَاتِرَاتُ. وَإِلَّا فَالتَّجْرِيبَاتُ وَالْحَدْسِيَّاتُ. وَفُرِّقَ بَيْنَهُمَا بِأَنَّهُ قَدْ يَحْصُلُ مَرَّةً وَاحِدَةً وَالتَّجْرِبَةُ مَرَّاتٍ. وَصَارَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ فِي بَعْضِ كُتُبِهِ وَابْنُ الْقُشَيْرِيّ إلَى أَنَّ الْعُلُومَ كُلَّهَا ضَرُورِيَّةٌ جَلِيَّةٌ، وَأَنَّ النَّظَرَ هُوَ التَّرَدُّدُ فِي أَنْحَاءِ الضَّرُورِيَّاتِ غَيْرَ أَنَّ الضَّرُورِيَّاتِ

1 / 84