212

بحر محیط

البحر المحيط في أصول الفقه

ناشر

دار الكتبي

ایڈیشن نمبر

الأولى

اشاعت کا سال

1414 ہجری

پبلشر کا مقام

القاهرة

الْأَظْهَرُ عِنْدِي: أَنَّهُ يَلْزَمُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّا نُجَوِّزُ قَتْلَ أَوْلَادِ الْكُفَّارِ عِنْدَ التَّتَرُّسِ بِهِمْ حَيْثُ لَا يَجُوزُ ذَلِكَ فِي أَطْفَالِ الْمُسْلِمِينَ، وَبَنَى فِي مَوْضِعٍ آخَرَ عَلَى هَذَا الْأَصْلِ مَا إذَا لَمْ يَكُنْ فِي الْفِعْلِ مَصْلَحَةٌ مَا، وَلَا مَفْسَدَةٌ مَا كَتَحْرِيكِ الْأُصْبُعِ فِي الْهَوَاءِ لِغَيْرِ دَفْعٍ وَلَا نَفْعٍ. قَالَ: فَاَلَّذِي أَرَاهُ أَنَّهُ مُقَرَّرٌ عَلَى مَا كَانَ قَبْلَ وُرُودِ الشَّرْعِ، إذْ لَيْسَ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ مَطْلُوبُ الْفِعْلِ وَلَا مَطْلُوبُ التَّرْكِ وَلَا مَأْذُونٌ فِيهِ بَلْ يَكُونُ كَفِعْلِ الْمَجَانِينِ وَالصِّبْيَانِ وَمَنْ لَمْ تَبْلُغْهُ الدَّعْوَةُ، وَبَنَى الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ فِي كِتَابِ الْقَضَاءِ عَلَى هَذَا الْخِلَافِ أَيْضًا تَقْرِيرَ النَّبِيِّ ﷺ غَيْرَهُ عَلَى فِعْلٍ مِنْ الْأَفْعَالِ هَلْ يَدُلُّ عَلَى الْجَوَازِ مِنْ جِهَةِ الشَّرْعِ، أَوْ مِنْ جِهَةِ الْبَرَاءَةِ الْأَصْلِيَّةِ. وَكَوْنُ الْأَصْلِ هُوَ الْإِبَاحَةَ؟ فَإِنْ قُلْنَا: أَصْلُ الْأَشْيَاءِ عَلَى التَّحْرِيمِ دَلَّ التَّقْرِيرُ عَلَى الْجَوَازِ شَرْعًا، وَإِنْ قُلْنَا: أَصْلُهَا الْإِبَاحَةُ فَلَا. وَسَيَأْتِي فِي كِتَابِ السُّنَّةِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
وَالتَّحْقِيقُ: أَنَّ تَخْرِيجَ هَذِهِ الْفُرُوعِ كُلِّهَا لَا يَسْتَقِيمُ لِأَمْرَيْنِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّ الْأَصْلَ الْمُخَرَّجَ عَلَيْهِ مَمْنُوعٌ فِي الشَّرْعِ، وَإِنَّمَا ذَكَرَهُ الْأَئِمَّةُ عَلَى تَقْدِيرِ التَّنْزِيلِ لِبَيَانِ إبْطَالِ أَصْلِ التَّحْسِينِ وَالتَّقْبِيحِ الْعَقْلِيَّيْنِ بِالْأَدِلَّةِ السَّمْعِيَّةِ. فَإِنَّ الشَّرْعَ عِنْدَهُمْ كَاشِفٌ لَا يُمْكِنُ وُرُودُهُ بِخِلَافِ الْعَقْلِ، وَمَنْ أَطْلَقَ مِنْ الْأَصْحَابِ الْخِلَافَ يَنْبَغِي حَمْلُهُ عَلَى أَنَّهُ هَلْ يَجُوزُ الْهُجُومُ عَلَيْهِ ابْتِدَاءً أَمْ يَجِبُ التَّوَقُّفُ إلَى الْبَحْثِ عَنْ الْأَدِلَّةِ الْخَاصَّةِ؟ فَإِنْ لَمْ نَجِدْ مَا يَدُلُّ عَلَى تَحْرِيمِهِ، فَهُوَ حَلَالٌ بَعْدَ الشَّرْعِ بِلَا خِلَافٍ. وَإِنَّمَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَأْخَذُ الْخِلَافِ أَنَّ الْحَلَالَ هَلْ هُوَ مَا لَمْ يَدُلَّ دَلِيلٌ عَلَى تَحْرِيمِهِ أَوْ مَا دَلَّ دَلِيلٌ عَلَى إبَاحَتِهِ؟

1 / 214