تعملون فيحذركم بذلك. ثم ذكر التعزية للنبي ﷺ لكيلا يحزن على تكذيبهم إياه، وأخبره أنهم من أهل السوء الذين مضوا فقال تعالى: أَفَتَطْمَعُونَ أَنْ يُؤْمِنُوا لَكُمْ، قال ابن عباس: يعني النبيّ ﷺ خاصة. وقال بعضهم: أراد به النبيّ ﷺ وأصحابه، أفتطمعون أن يصدقوكم وَقَدْ كانَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلامَ اللَّهِ؟ فإن أراد به النبيّ ﷺ خاصة، فمعناه أفتطمع أن يصدقوك؟
وقد يذكر لفظ الجماعة ويراد به الواحد، كما قال في آية أخرى مِنْ فِرْعَوْنَ وَمَلَائِهِمْ [يونس: ٨٣]، وقال تعالى: إِنَّ قارُونَ كانَ مِنْ قَوْمِ مُوسى فَبَغى عَلَيْهِمْ [القصص: ٧٦]، وقال تعالى: فَإِلَّمْ يَسْتَجِيبُوا لَكُمْ [هود: ١٤]، أراد به النبي ﷺ خاصة كذلك هاهنا. ثم قال: وَقَدْ كانَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلامَ اللَّهِ، قال في رواية الكلبي: يعني السبعين الذين ساروا مع موسى- ﵇ إلى طور سيناء فسمعوا هناك كلام الله تعالى، فلما رجعوا قال سفهاؤهم: إن الله أمر بكذا بخلاف ما أمرهم، فذلك قوله تعالى: وَقَدْ كانَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلامَ اللَّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِنْ بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ، أي غيروه من بعد ما حفظوه وفهموه. وقال بعضهم: إنما أراد به الذين يغيرون التوراة. وقال بعضهم: يغيرون تأويله وهم يعلمون.
[سورة البقرة (٢): الآيات ٧٦ الى ٧٨]
وَإِذا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قالُوا آمَنَّا وَإِذا خَلا بَعْضُهُمْ إِلى بَعْضٍ قالُوا أَتُحَدِّثُونَهُمْ بِما فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ لِيُحَاجُّوكُمْ بِهِ عِنْدَ رَبِّكُمْ أَفَلا تَعْقِلُونَ (٧٦) أَوَلا يَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَما يُعْلِنُونَ (٧٧) وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لاَ يَعْلَمُونَ الْكِتابَ إِلاَّ أَمانِيَّ وَإِنْ هُمْ إِلاَّ يَظُنُّونَ (٧٨)
قوله ﷿: وَإِذا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا، يعني المنافقين منهم قالُوا للمؤمنين آمَنَّا، أي أقررنا بالذي أقررتم به. وهم منافقو أهل الكتاب. وَإِذا خَلا بَعْضُهُمْ إِلى بَعْضٍ، يعني إذا رجعوا إلى رؤسائهم، قالُوا لبعضهم: أَتُحَدِّثُونَهُمْ بِما فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ، أي أتخبرونهم بأن ذكر محمد ﷺ في كتابكم فيكون ذلك حجة عليكم؟ أَفَلا تَعْقِلُونَ أن ذلك حجة لهم عليكم؟ لِيُحَاجُّوكُمْ بِهِ، أي ليخاصموكم عِنْدَ رَبِّكُمْ باعترافكم أن محمدا ﷺ نبي لا تتبعوه أَفَلا تَعْقِلُونَ؟ أي أفليس لكم ذهن الإنسانية؟ لا ينبغي لكم هذا فيما بينكم. أَوَلا يَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَما يُعْلِنُونَ. قال بعضهم:
ما يسرون فيما بينهم وما يعلنون مع أصحاب محمد ﷺ.
قوله تعالى: وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لاَ يَعْلَمُونَ الْكِتابَ، أي مّنْ أَهْلِ الكتاب وهم السفلة أميون لا يقرءون الكتاب، لا يحسنون قراءة الكتاب ولا كتابته. وقال الزجاج: الأمي المنسوب إلى
1 / 66