وفي تاسع وعشرين شهر ربيع الثاني يوم السبت حكم بعض المنجمين بكسوف الشمس، قدر أربع أصابع في برج الأسد والطالع العقرب ضحوة النهار، وأن مدة الكسوف ثمان درج ونصف عن نصف ساعة، ولعله كان كما ذكر، فإنه روى جماعة أنهم رأوها كاسفة، ولم أرها؛ لأنه كان بالسماء سحاب متراكم وهو ممكن؛ لأن الذنب يومئذ في نحو ثلاثة عشر درجة من برج الأسد والشمس في نحو تسعة عشر درجة من الأسد وكسور. وكان من جملة الخابر بالكسوف الشريف محمد، وصل من الروم، له معرفة بالنجوم.
وفي هذه الأيام هاج السرق بمدينة صنعاء وكثروا، وكنسوا بيوتا ونهبوا على ضوء القمر في نصف الشهر، ولم ينتظروا الظلام، لذلك الحرام، ودخلوا من البيوت الخالية التي أهلها في الخريف، وسرقوا ما وجدوا فيها [48/ب]من الأواني، وعبروا منها إلى البيوت المحلولة من فوق الأجبي فضروهم وتسور منهم من تسور بالسلاليم التي يجدونها في تلك البيوت الخالية. وكان من الأسباب أن محمد بن الإمام صاحب المدينة أقام محتسبا وأمره أنه يطوف على المدينة فاستخدم معه أعوان من السرق وأهل الطغيان فحصل منهم ما حصل من هذه الأعمال، ويقال في المثل: السرق إخوان، وتجرأ معهم سائر السرق لما سمعوا أن محمد بن الإمام قال: لا يحبس أحد من السرق، وإن قد اشتهر سرقهم إلا بشهادة، فجرأهم على ما ألفوا من العادة، بحيث أن تاجرا من بني كباس كبسوه إلى بيته، فأراد الدفع والصياح، فسلوا عليه الخناجر والسلاح، فحملوا من بيته ما شاءوا، وهم جماعة يقال: خمسة. وكان من سبق من الولاة بصنعاء من اشتهر بالسرقات حبسوا وبقوا في الأماكن البعيدات إذا لم تقم عليه شهادة نصاب القطع، بل مجرد الشهرة[49/أ]، فلهذا وقع الخلل من الجانبين المحتسب وأصحابه والسرق من غيرهم كل من جانبه والشهادة إنما تعتبر في القطع لليد، لا النفي والطرد والحبس والكرد فإنه يكفي فيه الشهرة، وظهور الأمارات المتكررة، فإنهم لا يخفون.
صفحہ 360