ولما وصل خبر وفاته إلى صنعاء، وكان قد أمر أولاده بالتهيؤ إلى الحادث الذي حدث بصعدة وتلك البلاد الأقصى، والناس غير راغبين إلى السفر لما نالهم من التقصيرات فيما مر من الملازمين، فضلا عن القاصين، سكنت تلك الأمور وقرت، واشتغل بغيرها، فكان من محمد ابن الإمام أنه كتب إلى أحمد بن الحسن تعزية وذكر له أنه يصلح دخوله صنعاء للخوض فيمن يصلح للمسلمين، وما يكون عليه[119/ب] البناء هذا الحين، فالله يصلح أمور المسلمين، ويختار لهم ما فيه الخير، فإنهم إن اجتمعوا على الصلاح ولم يتبعوا هوى أنفسهم ومحبة الرياسة وآثروا صلاح المسلمين كما هو الواجب عليهم صلحت الأمور لهم وللناس، وإن تفرقوا وتنازعوا كان الأمر كما قال الله تعالى: {ولا تنازعوا فتفشلوا } وكان الضرر والفساد عليهم وعلى المسلمين، والله يتداركهم إلى صلاح ذات البين .
وكان قبره في رأس جبل ضوران، وكان المذكور كثير التشديد في التكفير بالإلزام في مسائل أصول الدين، وشبهته في عدم إنصاف المظلومين من أهل اليمن الأسفل هو هذا، مع أنهم لا يلتزمون ما ألزمهم، ولا يقول أحد من أهل السنة بالجبر والتشبيه[120/أ] بالجملة في جميع كتبهم، يعرف ذلك، من عرف منهم، وقد روجع بمثل ذلك فلم يرجع. وكانت جواباته كلها بمحل النزاع، كما ذكرناه فيما سبق، في جواب السيد العارف أحمد بن علي الشامي ، وفي جوابه للقاضي عبد القادر المحيرسي ، وقد أجبنا على أقواله وعارضناها بالأدلة، ولكن لما عرفنا عدم قبوله بها لم نراجعه فيها، وطوينا خافيها وباديها. وكان في زمانه قد أهدى إلى صاحب الهند نسخة التهذيب في التفسير للحاكم المحسن بن كرامة المعتزلي، وهو في قدر ثمانية أجزاء، يريد يدعوه إلى مذهب الاعتزال، فأرسل إلى المتوكل هدية إليه بتفسير ابن الخطيب الرازي في عشرين جزءا؛ لأن فيه الردود على المعتزلة ومناقضة أقوالهم.
صفحہ 444