Bahjat Qulub al-Abrar wa Qurat Uyun al-Akhiyar
بهجة قلوب الأبرار وقرة عيون الأخيار ط الرشد
تحقیق کنندہ
عبد الكريم بن رسمي ال الدريني
ایڈیشن نمبر
الأولى ١٤٢٢هـ
اشاعت کا سال
٢٠٠٢م
اصناف
إتلافها أتلفه الله"١ فانظر كيف جعل النية الصالحة سببًا قويًا للرزق وأداء الله عنه، وجعل النية السيئة سببًا للتلف والإتلاف.
وكذلك تجري النية في المباحات والأمور الدنيوية. فإن من قصد بكسبه وأعماله الدنيوية والعادية الاستعانة بذلك على القيام بحق الله وقيامه بالواجبات والمستحبات، واستصحب هذه النية الصالحة في أكله وشربه ونومه وراحاته ومكاسبه: انقلبت عاداته عبادات، وبارك الله للعبد في أعماله، وفتح له من أبواب الخير والرزق أمورًا لا يحتسبها ولا تخطر له على بال. ومن فاتته هذه النية الصالحة لجهله أو تهاونه فلا يلومن إلا نفسه. وفي الصحيح عنه ﷺ أنه قال "إنك لن تعمل عملًا تبتغي به وجه الله إلا أجرت عليه، حتى ما تجعله في فيّ امرأتِك"٢.
فعلم بهذا: أن هذا الحديث جامع لأمور الخير كلها. فحقيق بالمؤمن الذي يريد نجاة نفسه ونفعها أن يفهم معنى هذا الحديث، وأن يكون العمل به نصيب عينيه في جميع أحواله وأوقاته.
وأما حديث عائشة: فإن قوله ﷺ: "مَنْ أَحْدَثَ فِي أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد - أو مَنْ عَمِلَ عَمَلًا لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رد"٣ فيدل بالمنطوق وبالمفهوم.
أما منطوقه: فإنه يدل على أن كل بدعة أحدثت في الدين ليس لها أصل في الكتاب ولا في السنة، سواء كانت من البدع القولية الكلامية، كالتجهم والرفض والاعتزال وغيرها، أو نم البدع العملية كالتعبد لله بعبادات لم يشرعها الله ولا رسوله. فإن ذلك كله مردود على أصحابه. وأهله مذمومون بحسب بدعهم وبُعدها عن الدين. فمن أخبر بغير ما أخبر الله به ورسوله، أو تعبد بشيء لم يأذن لم يأذن الله به ورسوله ولم يشرعه: فهو مبتدع. ومن حرَّم المباحات، أو تعبد بغير الشرعيات: فهو مبتدع.
وأما مفهوم هذا الحديث٤: فإن من عمل عملًا، عليه أمر الله ورسوله - وهو التعبد لله
_________
(١) أخرجه: البخاري في "صحيحه" رقم: ٢٣٨٧.
(٢) أخرجه: البخاري في "صحيحه" رقم: ٥٦، ١٢٩٥، ومسلم في "صحيحه" رقم: ١٦٢٨ بعد ٥.
(٣) تقدّم تخريجه قريبًا.
(٤) يعني مفهوم المخالفة. ونحو كلامه في "فتح الباري" ٥/٣٥٧ - ط: الريّان.
1 / 17