175

Bahjat Qulub al-Abrar wa Qurat Uyun al-Akhiyar

بهجة قلوب الأبرار وقرة عيون الأخيار ط الرشد

تحقیق کنندہ

عبد الكريم بن رسمي ال الدريني

ایڈیشن نمبر

الأولى ١٤٢٢هـ

اشاعت کا سال

٢٠٠٢م

اصناف

جميع ما نهى الله عنه ورسوله. ولم يضطر العباد إلى شيء من المحرمات المطلقة؛ فإن الحلال واسع، يسع جميع الخلق في عباداتهم ومعاملاتهم، وجميع تصرفاتهم. وأما إباحة الميتة والدم ولحم الخنزير للمضطر، فإنه في هذه الحالة الملجئة إليه قد صار من جنس الحلال؛ فإن الضرورات تبيح المحظورات١، فتصيرها الضرورة مباحة؛ لأنه تعالى إنما حرم المحرمات حفظًا لعباده، وصيانة لهم عن الشرور والمفاسد، ومصلحة لهم فإذا قاوم ذلك مصلحة أعظم -وهو بقاء النفس- قدمت هذه على تلك رحمة من الله وإحسانًا. وليست الأدوية من هذا الباب، فإن الدواء لا يدخل في باب الضرورات، فإن الله تعالى يشفي المبتلى بأسباب متنوعة، لا تتعين في الدواء. وإن كان الدواء يغلب على الظن الشفاء به، فإنه لا يحل التداوي بالمحرمات، كالخمر وألبان الحمر الأهلية، وأصناف المحرمات، بخلاف المضطر إلى أكل الميتة، فإنه يتيقن أنه إذا لم يأكل منها يموت. الأصل الثاني: قوله ﷺ: "وَإِذَا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرٍ فَائْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ" وهذا أصل كبير، دلّ عليه أيضًا قوله تعالى: ﴿فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ﴾ [التغابن:١٦] . فأوامر الشريعة كلها معلقة بقدرة العبد واستطاعته، فإذا لم يقدر على واجب من الواجبات بالكلية: سقط عنه وجوبه. وإذا قدر على بعضه -وذلك البعض عبادة- وجب ما يقدر عليه منه، وسقط عنه ما يعجز عنه. ويدخل في هذا من مسائل الفقه والأحكام ما لا يعد ولا يحصى، فيصلي المريض قائمًا، فإن لم يستطع صلى قاعدًا، فإن لم يستطع صلى على جنبه. فإن لم يستطع الإيماء برأسه أومأ بطرفه. ويصوم العبد ما دام قادرًا عليه. فإن أعجزه مرض لا يُرْجى زواله، أطعم عنه كل يوم مسكين. وإن كان مرضًا يرجى زواله: أفطر، وقضى عدته من أيام أخر. ومن ذلك، من عجز عن سترة الصلاة الواجبة، أو عن الاستقبال، أو توقِّي النجاسة: سقط عنه ما عجز عنه. وكذلك بقية شروط الصلاة وأركانها، وشروط الطهارة.

(١) وتقابلها القاعدة: "الضرورة تقدّر بقدرها" وعليه فيجب على المضطر أن يتناول قدر ما يبقيه على قيد الحياة دون زيادة، ولما كان هذا القيد غير مضبوط فقد قال تعالى بعد إباحة الميتة والدم للمضطرّ:﴾ فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لإِثْمٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴿أي يغفر له ما زاد عن الحاجة، والله الموفق.

1 / 185