سلطان مصر بيبرس (^١).
ولم يمض عامان حتى وقع خلاف في مكة بين الشريف نجم الدين محمد أبي نمي (^٢)، وبين عمه وشريكه في إمرتها الشريف بهاء الدين إدريس (^٣)، فاغتنم السلطان بيبرس الفرصة لتسوية النزاع بينهما لتأكيد سلطانه على مكة، ورتب لهما عشرين ألف درهم كل سنة، شريطة ألا يجمعا من أحد مكوسا، ولا يمنعا أحدا من زيارة البيت الحرام، أو يتعرضا للتجار بسوء في الحرم والمشاعر المقدسة، فضلا عن نقش إسمه على نقود الحجاز، فوافق الأميران على ذلك، ثم كتب لهما السلطان بيبرس تقليدا بالإمرة، وسلم لنوابهما أوقاف الحرم في مصر والشام، وبذلك ضمن بيبرس سيادته الفعلية على الحجاز (^٤).
ولم يبق بعد ذلك أمام بيبرس سلطان مصر، سوى أن يذهب بنفسه إلى الحجاز لإشاعة جو الإستقرار فيه من ناحية، وتأدية مناسك الحج من ناحية أخرى، فسار إليه في سنة ٦٦٧ هـ، فزار المدينة المنورة، ثم توجه إلى مكة المكرمة، فغسل الكعبة المشرفة بيديه، وانتهز فرصة وجوده هناك، فعين أحد
_________
(^١) انظر: ابن عبد الظاهر: الروض ص ٢٨٤ - ٢٨٥، السخاوي: التحفة اللطيفة ١/ ٢٤٤.
(^٢) محمد بن حسن الحسني، مجد الدين أبو نمي، صاحب مكة، ولي إمرة مكة نحو خمسين وشاركه عمه إدريس في بعضها، بدأت إمرته في سنة ٦٥٣ هـ، مات في صفر سنة ٧٠١ هـ.
انظر: تقي الدين الفاسي: العقد الثمين ١/ ٤٥٦ - ٤٧١.
(^٣) إدريس بن قتادة الحسني، بهاء الدين، أمير مكة، ولي إمرتها نحو سبع عشرة سنة شريكا لابن أخيه، قتله أبو نمي في سنة ٦٦٩ هـ.
انظر: الفاسي: العقد الثمين ٣/ ٢٧٩.
(^٤) انظر: ابن عبد الظاهر: الروض ص ٣٥١،٣٥٢، المقريزي: السلوك ١/ ٥٦٠،٥٧٩، الفاسي: العقد الثمين ١/ ٤٥٩، سعيد عاشور: العصر المماليكي ص ٢٣٨.
1 / 48