ما أبدى من ضروب الشجاعة والإستبسال، ولم ينجح ممن معه سوى الأمير أبي العباس أحمد في خمسين نفرا، وذلك في ثالث المحرم سنة ٦٦٠ هـ (^١).
ومهما قيل من حزن السلطان بيبرس على فقد الخليفة، وتأسفه على مصرعه بسبب ضياع ما بذله من الأموال، فضلا عن فقد السند الشرعي لسلطنته (^٢)، فإن سلطان مصر سرعان ما سنحت له فرصة أخرى لتجديد الخلافة في شخص أبي العباس أحمد بن الحسن، حتى لا يتهم بأنه عمل على التخلص من الخليفة السابق، كما أضحى من غير المقبول أن يظل منصب الخلافة شاغرا مرة أخرى أمام الرأي العام الإسلامي.
هذه الظروف والحوادث هيأت الأمر للأمير أبي العباس أحمد، إذ أرسل السلطان بيبرس يستدعيه إلى القاهرة، فوصلها في سابع عشر ربيع الثاني سنة ٦٦٠ هـ، فاحتفل بيبرس بقدومه، ثم بايعه بالخلافة في ثامن المحرم سنة ٦٦١ هـ، بعد إثبات صحة نسبه ولقبه «بالحاكم بأمر الله» (^٣)، فقلد الخليفة السلطان أمور البلاد والعباد (^٤).
_________
(^١) انظر: اليونيني: ذيل مرآة الزمان ٢/ ١٠٨ - ١١٣، ابن تغري: النجوم الزاهرة ٧/ ١١٥ - ١١٧، السيوطي: حسن المحاضرة ٢/ ٥٨، تاريخ الخلفاء ص ٤٧٨، الذهبي: العبر ٣/ ٢٩٨، ابن العماد: شذرات الذهب ٥/ ٢٩٧.
(^٢) انظر: أبو الفدا: المختصر ٣/ ٢١٣، المقريزي: السلوك ١/ ٦٧.
(^٣) وكانت خلافة، الحاكم بأمر الله أحمد بن الحسن نيفا وأربعين سنة (٦٦١ - ٧٠١ هـ) حتى توفاه الله في جمادى الأولى سنة إحدى وسبعمائة. انظر: ابن كثير: البداية والنهاية ١٣/ ٢٥٠، الذهبي: العبر ٣/ ٣٠١، السيوطي: تاريخ الخلفاء ص ٤٧٨ - ٤٨٣.
(^٤) انظر: ابن عبد الظاهر: الروض ص ١٤١، ابن تغري: النجوم الزاهرة ٧/ ١١٩، ابن العماد: شذرات الذهب ٥/ ٣٠٤.
1 / 38