[مطلب في الكلام على أما بعد]
فمن أجل ما ينبغي معرفته وتعريفه وصرف العناية اليه وتدوينه وتصنيفه الكلام فى العلوم النبوية والصفات المحمدية لصدورها عن الصدر الذي انبعثت عنه العلوم كلها جملة وتفصيلا فروعا وأصولا فشرف العلم شرف المعلوم منه وقد صنفت العلماء في ذلك كتبا كثيرة ما بين تاريخ وشمائل. وأقوال وأفعال واحكام وغير ذلك ومنهم المقل والمكثر وليس فيهم مقصر كل على مبلغ علمه ومقدار فهمه وفوق كل ذى علم عليم*
[الكلام على المؤلفات في التاريخ النبوى وتقسيم الكتاب الى قسمين]
فمن أجل التواريخ النبوية السيرة الكبرى لمحمد بن اسحق المطلبي مولاهم ثم تهذيبها لعبد الملك بن هشام النحوى.
عليه وسلم وأصحابه يأتون بأصلها وهو اما بعد في خطبهم وقد عقد البخاري بابا في استحبابها وذكر فيه جملة من الاحاديث وأوّل من تكلم بها داود وهو فصل الخطاب الذي أوتيه قاله بعض المفسرين وقال المحققون فصل الخطاب الفصل بين الحق والباطل وقيل أوّل من تكلم بها يعرب بن قحطان وقيل قس بن ساعدة الايادي وقيل يعقوب وفيه حديث ضعيف أخرجه الدارقطني وقيل كعب بن لؤى وقيل سحبان ابن وائل ولذلك يقول
لقد علم الحي اليمانون انني ... إذا قلت أما بعد أنى خطيبها
قال الحافظ ابن حجر تتبع الحافظ عبد القادر الرهاوي طرق الاحاديث التي رفع فيها أما بعد فأخرجه عن اثنين وثلاثين صحابيا انتهى قلت منهم جابر وعمرو بن تغلب وعائشة وأبو حميد الساعدي وزيد بن أرقم وعقبة بن عامر وأبو الدرداء وأبو مسعود وأبو سعيد (ما ينبغي) أي يفرض كفاية (العناية) بكسر العين المهملة وتخفيف النون الاعتناء بالشئ والتعب فيه والتهمم بشأنه (تدوينه) كتبه في الديوان وهو بكسر المهملة وقد يفتح فارسي معرب قال الجوهري أصله دوان فعوض من احدى الواوين ياء وفي سبب تسميته بذلك وجهان أحدهما ان كسرى اطلع يوما على كتاب ديوانه وهم يحسبون مع أنفسهم فقال ديوانه أي مجانين ثم حذفت الهاء لكثرة الاستعمال الثاني ان الديوان بالفارسية اسم للشياطين فسمي الكتاب باسمهم لحذقهم بالامور ووقوفهم على الجلي والخفي منها (تصنيفه) أي جعله أصنافا أي أنواعا (الكلام) بالنصب اسم ان «١» (عن الصدر) بسكون الدال وهو السيد الذي صدر عن رأيه (فشرف العلم) بضم الراء وفتح الفاء والعلم بالرفع فاعل ويجوز بفتح الراء وضم الفاء مصدر والعلم بالجر بالاضافة (ما بين تاريخ) هو ذكر أوقات الحوادث والارخ بالضم والفتح الوقت وكذا الاراخ والاسم الارخة بالضم قاله في القاموس (وشمائل) جمع شمال بكسر المعجمة وتخفيف الميم وهي الخلق (وفوق كل ذي علم عليم) أي أعلم منه حتى ينتهى العلم الى الله ﷿ (محمد بن اسحق) بن يسار (المطلبي مولاهم) أي مولى بني المطلب مدني امام يكني أبا بكر قال الذهبي رأى أنسا وروي عن عطاء والزهري وعنه شعبة والحمادان والسفيانان ويونس بن بكير وأحمد ابن خالد كان صدوقا من بحور العلم وله غرائب في سعة ما روي يستنكر واختلف في الاحتجاج به والاصح ان حديثه حسن بل قد صححه جماعة مات سنة احدى وخمسين ومائة وجده يسار صحابي روي انه أتى رسول الله ﷺ فمسح رأسه ودعا له بالبركة ذكره ابن مندة وأبو نعيم بهذا اللفظ (عبد الملك ابن هشام) بن أيوب قال الشمني أصله من البصرة وتوفي بمصر سنة ثلاث عشرة ومائتين (النحوي)
_________
(١) لعل نسخة الشارح وبعد فإن من أجل.
1 / 5