الهاء من قوله: (وباعتباره) عائدة إلى القسم المركب من قسمي الجهل لأنه أقرب مذكور، ولأن القسم الأول صاحبه معذور وسالم فلا يتأتى فيه هذا الإنقسام، والمعنى أن الجهل المركب ينقسم بالنظر إلى حكم الشارع فيه إلى قسمين؛ أحدهما سالم صاحبه والثاني هالك، فيسلم صاحبه إذا جهل بما لم يلزمه العلم به، ويهلك إذا جهل بما يلزمه العلم به، وسيأتي بيان ما يلزمه العلم به وما لا يلزمه مفصلا، ولك أن تقول ان الهاء من قوله: (وباعتباره) عائدة إلى حقيقة الجهل مع قطع النظر عن التقسيم المذكور، والمعنى ينقسم الجهل من حيث هو إلى واسع الجهل وهو الجهل البسيط وبعض المركب، وإلى ما لا يسع جهله وهو بعض المركب. وقول الناظم: (في التكلف) أي في التكليف، ففي اطلاق التكلف على التكليف مجاز إرسالي لعلاقة المسببية لأن التكلف مسبب للتكليف؛ يقال: كلفته فتكلف.
ولما فرغ من بيان أقسام الجهل وأحكامه شرع في بيان الأشياء التي يسع جهلها والأشياء التي لا يسع جهلها فقال:
(48)(وأي فرض فعله مؤقت فعلمه في وقته مثبت)
(49)(حجته تقوم ممن عبرا وقيل لا حجة ممن كفرا)
(50)(بل ما عدا البر أتى في المعتبر إن استطعته بلا نيل ضرر)
تنقسم الأشياء التي تعبدنا بها إلى قسمين:
أحدهما: تقوم حجته من عقل المكلف، وسيأتي الكلام عليه ان شاء الله تعالى في بابه.
ثانيهما: تقوم حجته من السماع، وهو نوعان: 1)امتثال أمر، 2)وامتثال نهي؛ فامتثال الأمر تأدية المفترضات من الأبدان والأموال؛ وهو أيضا نوعان: أحدهما مؤقت العمل؛ أي يلزم أداؤه في وقت معين. وثانيهما ما ليس كذلك، وسيأتي الكلام عليه إن شاء الله تعالى .
صفحہ 120