وما رأيت عيون الأنس تدركها
فهل حسدت عليها أعين الشهب
وهل سمعت سلاما لي ألم بها
فقد أطلت وما سلمت عن كثب
إذا أمرنا الرجل أن نحتجب احتجبنا، وإذا صاح الآن يطلب سفورنا أسفرنا، وإذا أراد تعليمنا تعلمنا، فهل هو حسن النية في كل ما يطلب منا ولأجلنا، أم هو يريد بنا شرا؟ لا شك أنه أخطأ وأصاب في تقرير حقنا من قبل، ولا شك أنه يخطئ ويصيب في تقرير حقوقنا الآن.
نحن لا نأبى أن نتبع رأي العقلاء والمصلحين من الأمة، ولكننا لا يمكننا كذلك أن نعتقد أن كل من يتصدى للكتابة في موضوع المرأة من العقلاء المصلحين. ليدعنا الرجل نمحص آراءه ونختار أرشدها ولا يستبد في «تحريرنا» كما استبد في «استعبادنا». إننا سئمنا استبداده. إننا لا نخاف من الهواء ولا من الشمس، وإنما نخاف عينيه ولسانه، فإن وعدنا أن يغض بصره كما يأمره دينه وأن يكن لسانه كما يوصيه الأدب نظرنا في أمرنا وأمره، وإلا فكل منا حر يفعل ما يشاء. والسلام عليك أيتها الفاضلة من المعجبة بك، المثنية على أدبك الجم وعلمك الغزير.
باحثة البادية
إلى باحثة البادية
ليس أعز لدينا من لطفك إلا حزمك وصراحتك، وليس أجمل من صدى صوتك إلا فعل معناك. وإني لأقبض على شجاعتي بيدي لأعترف بأني أحب - أستغفر الله وأستغفرك يا سيدتي! - آلامك النفسية الشديدة من جراء شقاء الإنسانية وضلالها، وأتمنى من أعماق فؤادي أن تجد دواما تلك الآلام منفذا رحبا إلى قلبك، وأن يبقى ذلك القلب كريما لينا ينجرح لجرح الغريب، ويبكي لبكاء المظلوم، ويشفق على المتوجع أيا كان. بالاختصار - عفوك! عفوك! - أتمنى لك العذاب المعنوي؛ لأنه النار المقدسة؛ أجل، هو النار التي تطهر، النار التي تحيي، النار التي تلين، النار التي ترفع النفس على أجنحة اللهيب إلى سماء المعاني السامية والميول الرفيعة والرغبات الكريمة، والتحمس لإجراء الإصلاحات اللازمة وتنفيذ المبادئ الطيبة، والنهوض بالاجتماع نهضة تهتز لها القلوب حمية وطربا.
أتمنى لك ذلك، ولولاه لما وجدنا في كتاباتك تلك الأنة العميقة التي تنبه الفكر وتلمس العاطفة في آن واحد.
نامعلوم صفحہ