سفر فؤاد ووصية أبيه والتقاؤه ببديعة
وفي صباح اليوم الثاني تناول فؤاد القهوة مع والديه حسب العادة، وذهب مع والده إلى المحل، وفيما هما في العربة قال فؤاد لوالده: أنسيت قولك لي في المدرسة يا سيدي من أن تساعدني؟
أجاب الوالد ببشاشة: كلا، وأية مساعدة تريد مني؟
قال: إنني اعتزمت السفر إلى أمريكا بقصد مشاهدة بديعة، فإن وجدتها بريئة أنصفها، وإن وجدتها مذنبة أشعرها بأنني قد عرفت بخيانتها. ومساعدتك لي تكون رضاك عن ذهابي لا غير. قال والده: إن وعد الحر دين عليه، وأنا لا أمانعك بالذهاب بشرط أن تعرف بأن تساهلي معك هو من حبي لك، وأن هذا الحب يطلب المكافأة، التي تكون برجوعك إلي وإلى والدتك بأقرب فرصة ممكنة.
فقال الولد: إنني أطيع يا سيدي، ولكن هل تفتكر بأن بديعة خائنة كما قالت والدتي؟
فقال الوالد: وكيف أقدر أن أحكم على أمر حدث بغيابي؟! عند ذلك ناوله ولده المكتوب وقال: إن والدتي قد أخبرتك بالقصة، وهذا مكتوب بديعة فاحكم بين الاثنين.
وبعد أن قرأ الوالد الكتاب وعجب من شهامة بديعة أرجعه إلى ولده وهو يقول: وهل أنت في ريب من صدق كلام والدتك يا فؤاد؟
وكان قصد الوالد أن يعرف أفكار ابنه. أما هذا فظن أنه مذنب بكلامه وأن والده يوبخه، فقال بلطف: كلا يا سيدي فإنني أصدق كلام والدتي الشريفة، ولكنني افتكرت بحدوث سوء تفاهم فقط.
فقال والده متنهدا: إن كلامك في موضعه؛ لأن ما استنتجته من كلام الفتاة هو أنها شريفة النفس تعرف الواجب، وقد يكون ذلك الغادر نسيب فعل ما فعل وموه على عقل والدتك بأن بديعة مذنبة أو غير ذلك، فلا تحفل بأمر قبل أن تتحققه بنفسك.
سمع فؤاد هذا الكلام من والده فنسي بأن المتكلم عنها هي تلك الفتاة التي كانت مبغوضة منه من ساعة، وبرهانا على فرحه الزائد من كلامه أخذ يده عن ركبته وقبلها قائلا: إنني أشكر حسن ظنك بالفتاة يا سيدي، فأنت تحبني أكثر من والدتي؛ لأنك لم تجرح قلبي كما فعلت هي.
نامعلوم صفحہ