أتدري كيف علقت على هذه الأبيات الحسان؟ اقرأ الكلمة الآتية:
ووجه الحسن في تحيير ماء الشباب أنك تنظر إلى الخدود الموردة، فتراها كالشفق تتنقل من تحته الشمس، أو كالمشكاة يتموج في قلبها المصباح.
في سبيل الحب تلك النظرة، يوم رأيته وقد أبل من حمى أضرعته، فرأيت ماء الشباب يدب في تلك الخدود وهي صفراء كالورس، فيعيدها حمراء كالورد، وإذا الأنس يتمشى في فؤادي لشفائه، تمشي البرء في أعضائه.
وهذا استطراد لا يشك القارئ في أنه غير محمود، ولكني أستغفر الله!
وفي موطن آخر يجد القارئ هذه الكلمة:
لم يكن ابن أبي ربيعة ممن إذا غاب عنه حبيب أخذ في البكاء عليه والحنين إليه، تلك سبيل الشعراء الفجعين، الذين كانت قلوبهم أعوانا للدهر عليهم، وكانت نفوسهم أخصاما لهم، أولئك هم المعوزون في عالم المحبة، والمحرومون في دولة الصبابة، أولئك الذين يرون الجمال ظلا ظليلا، ثم لا يستطيعون أن يتفيئوا ظلاله، أولئك الذين يحسدون الغلائل على الأعطاف والعقود في النحور. وكيف يكون ابن أبي ربيعة مثلهم مسكينا في شعره، وما كان مسكينا في حبه؟ أم كيف يصف البكاء والمدامع، وما ألمت نفسه ولا دمعت عينه؟ بعدا للذلة حتى في الحب، وتبا للمسكنة حتى في الغرام.
وهذه صورة نفسية قد لا يقتضيها موضوع الحديث، ولكن هذا الذي كان.
ويرى القارئ في هامش الصحيفة الثانية عن ترجمة الشيخ حسين الحكيم ما نصه:
وكان - رحمه الله - آية الآيات في حسن الخلق، وصباحة الوجه، وأصالة الرأي، وحلاوة الحديث، وكان لا يعدله عندي غير شقيقي «سيد مبارك» الذي فقدته معه في أسبوع واحد، وكان موتهما معا بالحمى الإسبانية - لا رد الله لها غربة ولا قدر لها رجعة - وكان أخي سيد من أقوى الفتيان بأسا وأمضاهم عزيمة، ولو عاش لضربت بشجاعته الأمثال.
وقد سألني بعضهم عما يعني القارئ من هذا التفصيل فأجبته: إنه يعني مؤلف الكتاب.
نامعلوم صفحہ