بدائع البدائه
بدائع البدائه
بقرًا - وكان وضئ الوجه، حسن القد - فتعاطينا القول في صفته، فقال الشهاب:
بنفسي غزالًا يسوق البقر ... ويقتل عمدًا نفوس البشر
فقال الشريف:
بدا فبدا الغصن فوق الكثيب ... وبدر الدجى في ظلام الشعر
فقال الشهاب:
تقل الغزالة عن وجهه ... ويصغر تشبيهه بالقمر
فقال الشريف
شكوت إليه غرامي به ... فأعرض عني دلالًا ومر
فقال الشهاب:
حلا لي لما انثنى قده ... ولكنه لحياتي أمر
قال علي بن ظافر
كنت في بعض العشايا بالقرافة، أنا والأعز بن المؤيد المقدم ذكره ﵀ في منزل قد انعطفت قدود أشجاره، وابتسمت ثغور أزهاره، وذاب كافور مائه على عنبر طينه، ومدت بكاسات الجلنار بنان غصونه، والنسيم قد خفت فاعتل، وسقط رداؤه في الماء فابتل، ووهت قواه فضعف عن السير، واشتد مرضه حتى ناحت عليه نوائح طير، فاقترح علينا أصحاب لنا كانوا معنا أن نصنع في صفة تلك العشية على هذه القافية، فقال الأعز:
جاء النسيم إلى الغصون رسولا ... ومشى يجر على الرياض ذيولا
فقلت:
نشوان يعثر في الخمائل عابثًا ... بالزهر مبلول الرداء عليلا
فقال:
فتمايلت قاماتها فكأنما ... شربت بكاسات الشمائل شمولا
فقلت:
فكأنه قد هز رايات له ... خضرًا وسل من المياه نصولا
فقال:
قد أطلعت من زهرها غررًا ومن ... جاري المياه يسوقها تحجيلا
فقلت:
تحكى العرائس في القلائد للثرى ... لبست خلاخل فضةٍ وحجولا
فقال:
ضحكت مباسم زهرها ولطالما ... بكيت بدمع الهاطلات طويلا
فقلت:
وبدا عليها الجلنار كأنه ... وجنات خودٍ سمتها التقبيلا
فقال:
سلت عليهن البروق صوارمًا ... فكسونها منه دمًا مطلولا
فقلت:
وتناظرت أطيارها فيه وقد ... أكثرن قالًا في الهديل وقيلا
قال علي بن ظافر
ومررت أنا وهو ﵀ يومًا بدولاب يئن أنين ثكالى فقدت أطفالها، والنواعج أضلت آفالها، ويبكي بكاء صب آلمه هواه، وصارمه من يهواه، وفرق البين بينه وبين محبوبه فراقًا لا يرجى انقطاعه، ولا يمكن استرداد ما سلبه منه ولا استرجاعه، فقلبه قد ملأته أوجاعه، وجفنه
1 / 109