وكان قد سلف منى فى سالف الزمان أن أكتب شيئا يعين على حلها بتقرير الدلائل والبرهان ، إجابة لالتماس بعض الإخوان ، ثم عاقنى عن إتمامه عوائق الحدثان ، ومصادمات الدهر الخوان ، اذ كان صادا للمرء عن بلوغ إرادته وحائلا بينه وبين طلبته. ثم اتفق الاجتماع والمذاكرة في بعض الأسفار مع تراكم الأشغال ، وتشويش الأفكار ، فالتمس منى بعض السادات الأجلاء أن أعيد النظر والتذكر لما كنت قد كتبت أولا ، والمراجعة إلى ما كنت قد جمعت ، فأجبت ملتمسه ، إذ قد أوجب الله تعالى علي إجابته ، هذا مع قلة البضاعة ، وكثرة الشواغل المنافية للاستطاعة ، وها أنا أشرع فى ذلك مستمدا من الله تعالى المعونة عليه ، ومتقربا به إليه. وسميته النافع يوم الحشر فى شرح باب الحادى عشر وما توفيقى الا بالله عليه توكلت وإليه انيب.
قال قدس الله روحه : الباب الحادى عشر فيما يجب على عامة المكلفين من معرفة أصول الدين.
اقول : انما سمى هذا الباب الحادى عشر لان المصنف اختصر مصباح المتهجد الذي وضعه الشيخ ابو جعفر الطوسى رحمه الله فى العبادات والأدعية ، ورتب ذلك المختصر على عشرة ابواب ، وسماه كتاب منهاج الصلاح فى مختصر المصباح. ولما كان ذلك الكتاب فى فن العمل والعبادات والدعاء ، استدعى ذلك الى معرفة المعبود والمدعو ، فاضاف إليه هذا الباب. قوله : فيما يجب على عامة المكلفين الوجوب في اللغة الثبوت والسقوط ، ومنه قوله تعالى : ( فإذا وجبت جنوبها ). واصطلاحا ، الواجب هو ما يذم تاركه على بعض الوجوه ، وهو على قسمين : واجب عينا ، وهو ما لا يسقط عن البعض بقيام البعض الآخر به ، وواجب كفاية ، وهو بخلافه. والمعرفة من القسم الاول ، فلذلك قال : يجب على عامة المكلفين والمكلف هو الانسان الحى البالغ العاقل ، فالميت والصبى والمجنون ليسوا بمكلفين. والأصول جمع الأصل ، وهو ما يبتنى عليه غيره. والدين لغة ، الجزاء ، منه قول النبى صلى الله عليه وآله وسلم : كما تدين تدان واصطلاحا ، هو الطريقة والشريعة ، وهو المراد هنا. وسمى
صفحہ 2