104

** أن يعلم كل معلوم ،

نفس صحة العلم والقدرة ، أو صفة توجب صحة العلم والقدرة ، وأياما كان فصحة العلم المعتبرة فى مفهومها مشتركة بين جميع الاشياء ، لا اختصاص لها بشيء دون شيء فثبت انه تعالى يصح أن يعلم كل شيء.

اقول : فيه نظر ، لأنا لا نسلم ان صحة العلم المعتبرة فى مفهوم الحياة مشتركة بين جميع الأشياء لجواز أن يكون لبعض الأشياء خصوصية تقتضى امتناع تعلق العلم به كالممتنعات بالنسبة إلى القدرة هذا ، وإذا صح أن يعلم كل شيء

** فيجب له ذلك

وحينئذ لو لم يجب لذاته أن يعلم لافتقر فى علمه ببعض الأشياء إلى غيره ، والتالى باطل

** لاستحالة افتقاره

** إلى غيره

أقول : ذلك الدليل لو تم بجميع مقدماته لزم أن يكون قدرته تعالى أيضا متعلقة بجميع الأشياء بعين ما ذكره ، مع أنها لا تتعلق إلا بالممكنات. وأيضا يمكن أن يستدل على أن علمه تعالى لا يمكن أن يتعلق بالمعدومات كالعنقاء وشريك البارى بأن العلم بالأشياء يكون على وجهين : أحدهما يسمى حصوليا وهو حصول صور الأشياء فى القوى المدركة. وثانيهما يسمى حضوريا وهو حضور الأشياء أنفسها عند العالم كعلمنا بذواتنا ، وبالأمور القائمة بها ، وهو أقوى من الأول ، ضرورة أن انكشاف الشيء لاجل حضوره بنفسه أقوى من انكشافه لاجل حصول مثاله ، ولما زادهم قائم البرهان عن القول بحصول صور الأشياء فى ذاته تعالى حكم بعضهم بأن علمه تعالى بالأشياء بحضورها أنفسها عنده ، وبعضهم بأن علمه بها بحصول صورها فى مجرد آخر ، وإذا ثبت أن علمه تعالى إما حضوري أو حصولى بحصول صور الأشياء فى مجرد آخر ، فنقول الثاني باطل لاستلزام قيام العلم بغير العالم كما لا يخفى فتعين الأول كما هو المشهور. ومن البين أن العلم الحضورى لا يمكن أن يتعلق بالمعدومات خصوصا الممتنعات ، إذ لا حقايق لها ثابته حتى نتصور حضورها بنفسها فتدبر جدا.

صفحہ 110