أوفى فيرال بوعده وذهب إلى النادي ذلك المساء. وقد وصل مبكرا عن الآخرين، وكان قد جعل حضوره ملحوظا تماما قبل أن يكون هناك بخمس دقائق. حين دخل إليس النادي انطلق الساقي العجوز من حجرة لعب الأوراق وتربص به. كان في جزع شديد، والدموع تنهمر على وجنتيه. «سيدي! سيدي!»
قال إليس: «ما الأمر بحق الشيطان!» «سيدي! سيدي! لقد ضربني سيد جديد يا سيدي!» «ماذا؟» «ضربني يا سيدي!» ارتفع صوته وهو يقول «ضربني!» بعويل باك طويل، «ضررربني!» «ضربك؟ هذا ما تستحقه. من الذي ضربك؟» «سيد جديد يا سيدي. سيد من الشرطة العسكرية. ضربني بقدمه يا سيدي ... هنا!» ودعك نفسه من الخلف.
قال إليس: «تبا!»
ذهب إليس إلى قاعة الجلوس، حيث كان فيرال يقرأ «ذا فيلد»، لا يظهر منه سوى طرف سرواله القطني الخفيف وحذاؤه البني المصفر اللامع. وهو لم يتكلف أن يحرك ساكنا عند سماع دخول شخص آخر الحجرة. وقد توقف إليس وقال: «أنت! ما اسمك؟ فيرال!» «ماذا؟» «هل ركلت الساقي؟»
ظهرت عينا فيرال الزرقاوان العابستان من وراء «ذا فيلد»، مثل عيني إحدى القشريات حين تطل من وراء صخرة.
قال مرة أخرى في الحال: «ماذا؟» «قلت هل ضربت الساقي اللعين؟» «أجل.» «ماذا تقصد إذن بفعلتك هذه؟» «لقد خاطبني الوغد بوقاحة. طلبت منه ويسكي وصودا فأتى به دافئا. طلبت منه أن يضيف له ثلجا، فرفض. تفوه ببعض الترهات اللعينة حول ادخار القطع الأخيرة من الثلج. فركلت مؤخرته. لقد استحق العقاب.»
استحال إليس رماديا تماما، وقد استشاط غضبا. إذ كان الساقي قطعة من مقتنيات النادي ولا يجوز أن يركله الغرباء. لكن أكثر ما أغضب إليس أنه من الوارد تماما أن يكون فيرال قد شك أنه مشفق على الساقي، بل أن يكون مستنكرا لعقاب الركل في حد ذاته. «استحق العقاب؟ أعتقد أنه استحق العقاب بحق فعلا. لكن ما دخلك أنت بالأمر بحق الجحيم؟ من أنت لتأتي وتركل خدامنا؟» «هراء يا عزيزي. لقد كان بحاجة لأن يركل. لقد فقدتم السيطرة على خدمكم هنا.» «ما دخلك أنت في الأمر إذا كان بحاجة لأن يركل أيها الوضيع الوقح اللعين؟ فلست حتى عضوا في النادي. إن ضرب الخدم مهمتنا نحن وليس مهمتك.»
أنزل فيرال «ذا فيلد» وأفسح المجال لعينه الأخرى. لم تتغير نبرة صوته الجافي . فلم تكن أعصابه تفلت قط مع واحد من الأوروبيين؛ لم يكن هذا ضروريا قط. «يا عزيزي، إنني أركل مؤخرة أي شخص يخاطبني بوقاحة. هل تريد أن أركل مؤخرتك؟»
تبخر كل غضب إليس فجأة. لم يكن خائفا، فلم يعتره الخوف قط في حياته؛ لكن كانت عينا فيرال أكثر مما يستطيع مواجهته. كان باستطاعة تينك العينين أن تجعلاك تشعر كأنك تحت شلالات نياجرا! ذوى السباب على شفتي إليس؛ كاد صوته أن يخذله. ثم قال متذمرا بل وآسفا: «لكن سحقا، لقد كان محقا تماما في عدم إعطائك آخر قطعة من الثلج. هل تعتقد أننا نشتري هذا الثلج من أجلك فقط؟ إننا لا نستطيع الحصول على الأشياء سوى مرتين أسبوعيا في هذا المكان.»
قال فيرال: «هذه إدارة سيئة فاسدة من جانبكم إذن.» وتراجع وراء «ذا فيلد»، مسرورا بالانسحاب من الموضوع.
نامعلوم صفحہ