بسم الله الرحمن الرحيم رب يسر يا كريم الحمد لله رب العالمين، وصلى الله علي سيدنا محمد خاتم المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد: فهذه فصول في أسماء ألوزان الأكيال الشرعية أسأل الله التوفيق إلى سواء الطريق بمنه وكرمه .
فصل في قوله: الوزن وزن أهل مكة والمكيلا مكيلا أهل المدينة خرج النسائى من حديث ابن عمر رضى الله عنده عن النبي : المكيلا مكيلا أهل المدينة والوزن وزن أهل مكة
صفحہ 41
ورواه أبو عبيد القاسم بن سلام عن ابن عمره عن النبي المكيلا مكيلا أهل المدينة والميزان ميزان أهل .
وخرجه أبو داود عن ابن عمر قال: قال رسول الله: الوزن وزن أهل مكة. والمكيلا مكيلا أهل المدينة .
وخرجه الحافظ أبو نعيم من حديث سفيان عن حنظلة عن طاووس عن ابن عمر قال: قال رسول الله المكيلا مكيلا أهل المدينة. والوزن وزن أهل مكة. ثم قال: غريب من
صفحہ 42
حديث طاووس وحنظلة ولا أعلم رواه متصلا إلا الثوري.
قال الخطابي : إنما جاء هذا الحديث في نوع ما يتعلق به أحكام الشريعة في حقوق اللها تعالى دون ما يتعلق به الناس فى بياعاتهم وأمور معايشهم .
وقوله الوزن وزن مكة : يريد وزن الذهب والفضة خصوصا دون سائر الأوزان ومعناه: أن الوزن الذي يتعلق به حق الزكاة فى النقد وزن أهل مكة .
وأما قوله: والمكيلا مكيلا أهل المدينة: إنما هو الصاع الذي يتعلق به وجوب الكفارات ويجب إخراج صدقة الفطر به ويكون تقدير النفقات وما في معناها بعياره.
وقال الطحاوي : المعنى فى ذلك : لأن مكة لما كانت أرض متجر تباع فيها الإمتعة بالإثمان
صفحہ 43
ولم يكن فيها ثمرة 4 وال فرع 4 وكذلك كانت قبل ذلك الزمان .
الإ ترى إلى قول إبراهيم عليه السلام: ربنا إني أسكنت من ذريتي بواد غير ذي زرع وكانت المدينة بخلاف ذلك لأنها ذات النخل وفيها الزرع فكان جل تجاراتهم في المكيل والموزون جعل النبي الإمصار كلها لهذين المصرين اتباعا فيما يحتاجون إليه من الكيل والوزن.
قال : وإذا كانت السنة قد منعت من إسلام موزون في موزون ومن إسلام مكيل في مكيل وأجازت إسلام الموزون في المكيل والمكيل في الموزون ومنعت من بيع الموزون بالموزون الإ مثال بمثل ومن بيع المكيل بالمكيل الإ مثال بمثل .
كان الأصل في الموزون ما كان حينئذ بوزن مكة. وكان الأصل في المكيلا ما كان حينئذ يكال بالمدينة ال يتغير عن ذلك وإن غيره الناس
صفحہ 44
وقال الفقيه أبو العباس أحمد بن محمد بن أحمد العزفي ( في كتاب ما ليس منه بد لمن أراد الوقوف على حقيقة الدينار والدرهم والصاع والمد: فوجب على كل من دان بهذه الملة وتعبد بهذه الشريعة البحث عن كيل أهل المدينة فيما جرت العادة بكيله وعن وزن أهل مكة فيما استمر العرف بوزنه والله أعلم.
صفحہ 45
فصل في معرفة أسماء الأوزان المستعملة في عهد رسول الله ومعرفة أقدارها إنما يتحصل الغرض في معرفة وزن أهل مكة وكيل المدينة معرفة ما كان من ذلك مستعملا في عهد رسول الله: ولمعرفة أقدارها .
فنقول: اعلم أن الأوزان التي كانت على عهد رسول الله عشرة : 1- الدرهم 2- والدينار 3- والمثقال
صفحہ 46
4- والدانق 5- والقيراط 6- والأوقية 7- والنش 8- والنواة 9- والرطل 10- والقنطار الدرهم فأما الدرهم: فقد اختلف هل كان معلوم القدر أم لا؟
[القول الأول]: فقال قوم: لم يكن الدرهم في زمن النبي معلوما حتى
صفحہ 47
ضرب الدرهم في زمن عبد الملك بن مروان .
قال أبو عمر يوسف بن عبد الله بن عبد البر النمري في كتاب الاستذكار قال أبو عبيد: كانت الدراهم غير معلومة إلى أيام عبد الملك بن مروان فجمعها وجعل كل عشرة من الدراهم وزن ستة مثاقيل .
قال: وكانت الدراهم يومئذ درهم من ثمانية دوانق زيف ودرهم من أربعة دوانق جيز قال: فاجتمع رأي علماء ذلك الوقت لعبد الملك على أن جمعوا الأربعة دوانق إلى الثمانية فصارت اثنتا عشرة دانقا وجعلوا الدرهم ستة دوانق وستكوه كيلا .
وقال أبو محمد عبد الحق بن عطية في جواب سؤال سئله في
صفحہ 48
سنة عشر وستمائة : قال أبو عبيد القاسم بن سلام عن بعض شيوخه : أن الدرهم كانت على عهد رسول الله نوعين : السوداء الوافية : وزن الدرهم منها ثمانية دوانق .
والطبرية العتق: وزن الدرهم منها أربعة دوانق وكان الناس يزكون بشطرين من الكبار والصغار . فلما أراد عبد الملك بن مروان ضرب الدراهم خشي إن ضرب على الوزن الوافي أن يبخس الزكاة وإن ضرب على الطبرية أن يبخس الناس فجمع الوزنين وأخذ نصفها مراعاة لما كانت زكاة الناس عليه فجعل الدراهم من ستة دوانق .
القول الثاني : وقال قوم: كان الدرهم معلوما في زمن النبي فذكر العزفي عن أبي جعفر الداوودي وقد ذكر قول من يذهب إلى أن الدرهم لم يكن معلوم في زمن النبي هذا قول فاسد لم يكن القوم ليجهلوا أصال من أصول الدين فال يعلمون فيه نصا وقد كان النبي يخرج السعاة فال يجوز أن يظن بهم جهل
صفحہ 49
مثل هذا ولم يأت ما قاله من طريق صحيح .
قال: وقد قال أبو عمر بن عبد البر: ال يجوز أن يكون الأوقية على عهد رسول الله كب مجهولة المبلغ من الدراهم في الوزن ثم يوجب الزكاة عليها وهي ال تعلم مبلغ وزنها .
قال: وتالهما على هذا القول القاضي أبو الفضل عياض فقال : وال يصح أن يكون الأوقية والدرهم مجهولة القدر في زمن
صفحہ 50
النبي وهو يوجب الزكاة في أعداد منها وتقع بها البياعات والإنكحة كما جاء فى الإحاديث الصحيحة .
وهذا يبين أن قول من قال: إن الدراهم لم تكن معلومة إلى زمن عبد الملك حتى جمعها برأي الفقهاء وهم وإنما معنى ذلك أنها لم تكن من ضرب أهل الإسلام وعلى صفة ال تختلف وإنما كانت مجموعات من ضرب فارس والروم وصغارا وكبارا وقطع فضة غير مضروبة وال منقوشة ويمنية ومغربية فرأوا صرفها إلى ضرب الإسلام ونقشه وتصييرها وزن واحدة ال يختلف وأعيان يستغنى بها عن الموازين فجمعوا أصغرها وأكبرها وضربوه على وزنهم الكيل ولعله كان الوزن الذي يتعاملون به حينئذ كيلا بالمجموع ولهذا سمي كيلا وإن كانت قائمة مفردة غير مجموعة .
وقال ابن عبد البر: في الإستذكار وما أظن عبد الملك وعلماء عصره نقضوا ها من الأصل وإنما أنكروا وكرهوا
صفحہ 51
[الضرب] الجاري عندهم من ضرب الروم وفارس فردوها إلى ضرب الإسلام وقال أبو سليمان حمد بن: محمد الخطابي في كتاب معالم وقد ذكر حديث ابن عمر: الوزن وزن أهل مكة إلى آخره ومعناه : أن الوزن الذي يتعلق به من الزكاة في النقد وزن أهل مكة: وهي دراهم الإسلام المعدلة منها: العشرة بسبعة مثاقيل والدرهم الوازن الذي هو من دراهم الإسلام/الجائزة بينهم في عامة البلدان ستة دوانق وهو نقد أهل مكة ووزنهم الجائز وكان أهل المدينة يتعاملون بالدراهم عددا وقت مقدم الرسول إياها .
والدليل على صحة ذلك : أن عائشة رضي الله عنها قالت فيما روي عنها من قصة
صفحہ 52
بريرة: إن شاء أهلك أن أعدها لهم عدة واحدة فعلت تريد الدراهم التي هي ثمنها .
فأرشدهم كلة إلى الوزن فيها وجعل العيار وزن أهل مكة.
دون ما يتفاوت وزنه منها في سائر البلدان.
وزن الدراهم وعيارها وقد :تكلم الناس في هذا الباب. وهل كانت هذه الدراهم لم تزل في الجاهلية على هذا العيار والوزن القول الأول: فذهب بعضهم : إلى أن الوزن فيها لم يزل على هذا العيار, وإنما غيروا السكك منها ونقشوا فيها: اسم الله عز وجل وقام الإسلام .
والأوقية : وزنها أربعون درهما، ولذلك قال رسول الله ليس فيما دون خمسة أواق من الورق
صفحہ 53
صدقة وهي مائتا درهم .
وقل بلغني عن أبي العباس بن سريج؟ أنه كان يقوله ويذهب إليه.
القول الثاني : وقال بعضهم : كان الدراهم ؟ معلوم القدر غير موجود العين .
وإنما توجد صنجته ومنه تتركب الأوزان التي فوق . كالدينار والأوقية والرطل وغيرها .
والدليل على ذلك: ما خروجه النسائي عن سماك بن حرب قال : سمعت مالكا
صفحہ 54
أبا صفوان يقول: بعت من رسول الله رحل سراويل قبل الهجرة بثلاثة دراهم فوزن لي فأرجح لي وأعطى الوازن أجر .
وما خرجه البخاري ومسلم من حديث جابر رضي اهلا عنه: اشترى متي النبي تبلغ بعيرا بأوقيتين ودرهم أو درهمين وفيه: فوزن لي ثمن البعير فأرجح لي .
فلو لم يكن الدرهم معلوما في حين عقدها بين الصفقتين لما صح البيع ولما عرف الرجحان الذي أرجح لهما النبي بعد استيفائهما حقوقهما .
الجمع بين القولين وبهذا تتفق الأقوال ويندفع التعارض فيحمل :
صفحہ 55
قول من قال: أن درهم مكة كان معلوما في زمن رسول الله. على أن المراد بذلك قدره ووزنه ال عينه .
ويحمل قول من قال: أن الدراهم كانت غير معلومة إلى أيام عبد الملك بن مروان أن المراد بذلك أنها لم تكن معلومة بأعيانها وإنما كانوا يتعاملون بتلك الدراهم المختلفة المتنوعة ويرجعون في أقدارها إلى قدر الدرهم المعلوم الذي يتركب منه الأوقية والنش والنواة والله أعلم
صفحہ 56
فصل في مقدار الدرهم اعلم أن قدر الدرهم الشرعي مما اختلف فيه على قولين لأهل العلم : أحدهما: ما ذكره أبو العباس بن سريج: أن درهم مكة في زمن النبي كان من ستة دوانق وأن عدد حبوبه خمسون حبة وخنتا حبة وإنما غير في الإسلام نقشه .
قال أبو محمد بن عطية: والحبة التي تركب منها الدرهم هي حبة الشعير المتوسطة الخشنة غير مقشورة بعد أن يقطع من طرفيها ما امتد وخرج عن خلقتها .
والثاني : ما ذكره أبو محمد علي بن أحمد بن سعيد بن حزم قال: بحثنا غاية البحث عن كل من وثقت بتمييزه فكل اتفق لي أن دينار الذهب بمكة وزنه اثنتان وثمانون حبة وثلاثة أعشار حبة بالحب من الشعير المطلق والدرهم سبعة أعشار المثقال فوزن الدرهم
صفحہ 57
المكي سبعة وخمسون حبة وستة أعشار حبة وعشر عشر حبة وقد حكى عبد الله بن محمد بن شاس من المالكية في كتاب الجواهر ما حكاه أبو محمد بن حزم عن عبد الله بن أحمد بن حنبل فلم يغادر منه حرفا واعترض العزفي على قول ابن حزم: بأن ذلك لعلة مخصوص بزمنه وذلك نحو أربعمائة سنة من الهجرة وما أن الدينار والدرهم لم يزالا على ذلك من عهد النبي إلى ذلك الزمن - بمكة مع إمكان اختلافه عند تعاقب الوالة ء مع ما عهد من اختلاف زنة الدينار والدرهم والمكاييل عن تجدد الوالة واختلاف الأزمنة ورجح قول من قال الدرهم خمسون حبة ومنها حبة وقال الاستاذ أبو العباس أحمد عثمان ابن البنا فى مقالة
صفحہ 58
مقادير المكاييل الشرعية: وأما ما نقله صاحب الجواهر عن عبد الل بن أحمد: أن دينار الذهب وزنة بمكة اثنتان وثمانون حبة وثلاثة أعشار حبة وذلك بالحب المطلق من الشعير فيكون زنة الدرهم بالحب المطلق سبعآ وخمسين حبة وكسراء ألن الدرهم سبعة أعشار الدينار, هذا أيضآ قول مشهور فليس بين القولين اختلاف ألن الوزن في القول الأول بالوسط من الشعير وفي هذا القول بالحب المطلق وال يبعد أن يكون بين المطلق والوسط ذلك القدر من التفاوت وهذا جمع بين القولين والله أعلم.
صفحہ 59
فصل في ذكر الدينار والمثقال قال أبو عبيد في كتاب الأموال لم يزل المثقال في آباد الدهر مؤقتا محدودا وقال الخطابي : كانت الدنانير تحمل إليهم في زمن النبي من بالد الروم وزاد بعضهم : فكانت العرب الهرقلة .
صفحہ 60