میری زندگی کے صفحات (پہلا حصہ)
أوراقي … حياتي (الجزء الأول)
اصناف
الأستاذة فهيمة شكري تزعمت عائلة شكري بيه، تدب بكعب حذائها فوق الأرض، تشمخ بأنفها في السماء، يشبه أنف أبيها، وتقول: معقول يا ناس بنت زينب هانم تتجوز فلاح جلنف؟!
كلمة «جلنف» ترن في أذني مثل الموسيقى، لم تكن طنط فهيمة تنطق هذه الكلمة إلا في غياب أبي وستي الحاجة.
عمتي فاطمة أكبر العمات سنا تتزعم عائلة السعداوي، تلف الطرحة السوداء حول رأسها، تخفي فمها بكفها الكبيرة المشققة وتهمس في أذن أبي: قلت له: يا واد بنت خالك السيد بيه على سن ورمح. قال لي: اسكتي يا عمة، دي بنت بندر لا تعرف تعجن ولا تخبز ولا تحلب الجاموسة. قلت له: يا واد دي بنت مدارس تعرف القراءة والكتابة. قال لي: اسكتي يا عمة، حاعمل إيه بقرايتها وكتابتها، ولا قرايتها حتوكلني ولا كتابتها حتشربني!
هذا الفلاح الفصيح كان يمكن أن يكون زوجي، لولا القراءة والكتابة أنقذتني، القراءة والكتابة أنقذتني من رجال آخرين وعرسان جاءوا من بعده حاملين الشهادات العليا من جامعة القاهرة أو السوربون أو أكسفورد، يكتشف الواحد منهم أنني أحب ملمس القلم في يدي أكثر من مغرفة الأكل أو يد المكنسة فيتبخر في الجو مع نسمة الليل الرقيقة. •••
في صيف عام 1942م حصلت على الشهادة ابتدائية بامتياز، لم يبتهج أحد من عائلة أبي أو أمي؛ الحزن على فشل أخي كان يغطي على الفرح بنجاحي، ترمق ستي الحاجة النهدين البارزين فوق صدري وتهمس في أذن أمي: «البنت كبرت يا ست زينب وخايفة عليها تبور، إلهي ربنا يرزقك يا ابني بعريس الهنا لبنتك نوال، وتجوز بناتك كلهم وأنا عايشة على ضهر الدنيا.»
لم أعد أخرج لألعب مع الأطفال أو أركب البسكلتة، إذا طلبت إذنا للخروج من أبي أو أمي لا أسمع إلا هذه الكلمات: «انتي كبرتي خلاص! البيت عاوز تنضيف! البصل في المطبخ عاوز تقشير! البلاط في الحمام عاوز دعك.»
أنكفئ فوق البلاط أدعكه حتى يلمع لأرى وجهي فيه، وجها حزينا مملوءا بالدموع، العيون من حولي يملؤها الفرح، يفرحون حين أدعك البلاط أكثر مما يفرحون بنجاحي في المدرسة.
حين ينامون وقت الظهيرة أدخل مكتبة أبي، عثرت بين الكتب على كتاب «الأيام» لطه حسين، تصورت أنني سوف أفقد بصري كما فقده طه حسين، طول البكاء في الليل، أتخطئ أمي كما أخطأت أمه وتضع في عيني بدل القطرة صبغة اليود؟
في منوف وكفر طحلة كنت أرى أطفالا فقدوا أبصارهم، عين واحدة مفتوحة والأخرى مغلقة، نقطة بيضاء تزحف فوق النني الأسود، الجفون متورمة يملؤها الصديد، والذباب يغطي وجوههم. «هش الطير من على وشك يا نوال.»
هذا صوت أمي حين تلم ذبابة فوق وجهي، الذباب اسمه «الطير»، تمسك أمي الرشاشة الحمراء المرسوم عليها ذبابة ضخمة سوداء، بطنها مملوءة «أبالتوكس»، والدموع أو محلول ال «د. د. ت»، ترش أمي البيت كله والنوافذ مغلقة، يتساقط الذباب مثل رذاذ مطر أسود، أسعل وأعطس والدموع تتساقط من عيني.
نامعلوم صفحہ