میری زندگی کے صفحات (پہلا حصہ)
أوراقي … حياتي (الجزء الأول)
اصناف
يكون أبي قد نهض واقفا يصور لنا كيف كتب الناظر تقريرا ضده، ألقاه أمامه فوق المكتب، أبي أمسك التقرير وألقى به فوق مكتب الناظر. «اقلب دواية الحبر على تقريرك يا حضرة الناظر.»
في ركن الشرفة البحرية كنت أجلس، أرمق أبي الفارع القامة، عيناه تلمعان بالزهو، أنا ابنة هذا الرجل الوطني الشجاع، لا يخاف أحدا، لا الناظر ولا الملك ولا الحكومة ولا الإنجليز ولا العمدة في كفر طحلة، «لا أخاف إلى الله سبحانه وتعالى.» هكذا كان أبي يقول ... ويردد دائما: أنا مش باخاف لا من النزرا ولا من الوزرا (يعني النظراء والوزراء).
عام 1938م، وأنا في السابعة من العمر انحفر صوت أبي في ذاكرتي، أصبحت لا أخاف أحدا إلا الله، إن هددني أحد بكتابة تقرير ضدي أقول بصوت أبي: اقلب دواية الحبر على تقريرك.
كم من التقارير كتبت ضدي بعد أن اشتغلت في الحكومة! تقارير سرية بحسب القانون، يكتبها الرؤساء ضد المرءوسين في الوزارات والإدارات، في كل وزارة أيضا جهاز بوليس يسمونه «مكتب الأمن»، يكتب التقارير، يرفعها إلى وزير الداخلية أو رئيس الدولة، العمدة كان في طفولتي كأنما رئيس الدولة، أهل القرية يقولون إنه أكبر رأس في البلد، يمشي من بعيد فوق الجسر حوله الرجال، جدران بيته عالية تعلو فوق الجسر تطل على النيل، ثلاثة أدوار بالطوب الأحمر يسمونه «الدوار»، يعلوها البرج له نوافذ مستديرة صغيرة أعلى من منارة الجامع، شرفتها صغيرة من الطين النيئ، يقف عليها الشيخ مرزوق ليؤذن.
بيوت القرية مثل الجامع مبنية بالطوب النيئ، الطين الممزوج بالتبن، زريبة الحيوانات جزء من البيت، الأرض ترابية عارية من الأثاث، حصيرة من القش، زير مملوء بالماء من النيل الذي يسمونه البحر، صندوق خشبي مزركش الألوان مركون إلى الجدار الطيني، داخله بعض الجلابيب الجديدة أو القديمة، ومنها جلباب العروس المشجر، المبقع بالدم منذ ليلة الزفاف.
لم يكن البيت يزيد على دورين، يسمونه «الدار»، بينهما سلم من الطين أو الخشب، يصعد إلى السطح، حيث أكوام من عيدان الذرة أو القطن الجافية، أقراص «الجلة» - روث البهائم المجفف تحت الشمس - زلع الجبنة الحادقة والمخلل، يتلوى داخلهما دود أبيض صغير «دود المش».
كان الجسر عاليا أعلى من البيوت، يمتد من كفر طحلة إلى قرية أخرى اسمها طحلة، تفصلهما مسافة كيلومتر ، تتلاصق بيوت الفلاحين، تتساند بعضها إلى بعض، راقدة في حضن الجسر بلون الطين الأسود.
أتمشى فوق الجسر مع زينب ابنة عمتي بهية، عمرها من عمري، تتطلع بعينيها إلى بيت أعلى من بيت العمدة وتقول: «دوار علما باشا، أغنى عيلة في طحلة، عندهم ألف فدان وخمسون عبدا، جدك شكري بيه أبو مامتك أبوه الشيخ الطحلاوي الكبير، كان عنده أرض وعبيد زي علما باشا، لكن الأرض راحت منهم والعبيد راحوا، ومابقاش لهم في الكفر إلا الدوار.»
كان دوار جدي شكري بيه لا يزال قائما، بيت ضخم من دورين، مبني بالطوب الأحمر، له حوش واسع من الداخل، شرفات ومشربيات من الخشب المزدوج، مغلق طول الوقت، لم يكن أحد من عائلة أمي يزور القرية إلا وقت الحرب، يهاجر أهل المدينة إلى الريف.
حين تزوجت طنط هانم (شقيقة أمي) من زوجها التاجر في الموسكي، جاءت به إلى القرية في زيارة يومين، أرادت له أن يرى أثرا عريقا من مآثر العائلة الكريمة.
نامعلوم صفحہ