میری زندگی کے صفحات (پہلا حصہ)

نوال السعداوي d. 1442 AH
169

میری زندگی کے صفحات (پہلا حصہ)

أوراقي … حياتي (الجزء الأول)

اصناف

النزيف الناتج عن ختان البنات كان شائعا، تلوث الجرح شيء طبيعي ، لم يكن لدى الدايات من وسائل تطهير الجروح إلا تراب الفرن.

يوم الخميس كان المرور على البيوت، تخرج فرقة الممرضات مع المثقف الصحي، يتحدثون مع النساء والرجال عن وسائل الوقاية من الأمراض، البلهارسيا والإنكلستوما والملاريا والدرن الرئوي، أضف إليها الأمراض الاجتماعية: ختان الذكور والإناث، فض غشاء البكارة، بدأ حلاقو الصحة والدايات يحاربون فريق الثقافة الصحية، عقدت لهم اجتماعا في الوحدة، بدأت برنامجا من الندوات في القسم الصحي لرفع الوعي لدى الدايات وحلاقي الصحة، كنت كمن ينفخ في قربة مقطوعة، وقالت أم إبراهيم: «ومنين ياكلوا يا ضكطورة إذا ما كانش فيه طهارة ولا أخد وش العرايس؟»

الفصل الرابع

الاعتداء الثلاثي

صوت جمال عبد الناصر يدوي في الراديو: سنقاتل، سنقاتل! كان الاعتداء الثلاثي قد وقع في 29 أكتوبر 1956م، الجيوش الثلاثة ضربتنا من البر والبحر والسماء، إسرائيل وإنجلترا وفرنسا، بدأت المقاومة الشعبية في القاهرة، تطوعت سامية ورفاعة وأسعد شقيق صفية، صوت جمال عبد الناصر في الإذاعة يحث الشعب على القتال، منذ الطفولة أحلم بجبهة الحرب، تلوح لي في النوم كأنما هي الحب، أرتدي بدلة الصاعقة أضرب العدو أحرر الوطن، أهتف بصوت أبي: تحيا مصر حرة!

خلعت معطف الأطباء وارتديت بدلة حرب العصابات، نسيت ما حدث للفدائيين قبل حريق القاهرة، كان ذلك أيام الملك والحكومة الخائنة، اليوم أصبحت الحكومة وطنية، جاءنا من مدينة بنها بعض رجال الجيش، تحولت الوحدة إلى معسكر للتدريب على السلاح، تطوع الممرضون والممرضات، تكونت فرقة الإسعافات الأولية، ارتفع علم مصر فوق مباني الوحدة البيضاء، في الليل أجلس في الشرفة أتطلع إلى النجوم، أطرز في ضوء القمر الحروف فوق بدلة الصاعقة: «سنقاتل حتى النصر»، منذ عشر سنوات في حلوان وقفت في نافذة المدرسة الثانوية، إلى جواري زميلاتي فكرية وفاطمة وصفية، نطرز فوق البادج الكلمتين: «الجلاء بالدماء»، فوق أصابعي أستعيد خدوش السلسلة الحديدية، وضربات المسطرة الحادة، وصوت الناظرة يهددني بالطرد، في قلبي جرح لم يلتئم، وجه الشهيد أحمد المنيسي، وصوت أحمد حلمي يأتيني كأنما من قاع البئر: «تركونا وحدنا نواجه مصيرنا تحت الرصاص وأصبحوا هم الأبطال، أما نحن الذين حملنا السلاح وحاربنا فقد أصبحنا مطاردين مثل المجرمين.»

تراني أم إبراهيم داخل المعسكر فوق كتفي البندقية، تمسح دموعها بطرف طرحتها السوداء: «مالك وماللحرب يا ضكطورة، قطيعة تقطع الحرب واللي جابوها، قلبي انكوى من الحرب تمان سنين، ابني البكر إبراهيم راح فلسطين، كان مع جمال في الفلوجا، كل ليلة أشوفه في المنام، يقولي أنا راجع يامه، تمان سنين يا ضكطورة ما اعرفش إن كان ميت ولا حي!»

في الخامسة والعشرين من عمري لم أفكر في الموت، كان بعيدا عني أبعد من نجوم السماء، لم تكن الحرب في خيالي تعني الموت، حلم الطفولة هو الباقي في ذاكرتي، ورثته عن أبي، ضاعت من مخيلتي الأحداث الأليمة، فجيعة القلب في الحب، يذوب الحزن في جسدي كما تذوب السموم، في أعماقي الطفلة لا تموت، الفتاة الصغيرة العذراء لم يمسها بشر، أصحو في الصباح مشرقة متجددة كالشمس، أغني لطفلتي في سريرها:

طلعت يا محلا نورها شمس الشموسا ... ياللا بنا نملا ونحلب لبن الجاموسا.

تضحك ابنتي تكركر بالضحك، أحوطها بذراعي، بدأت أعطيها لبن الجاموسة الطازج المخفف بالماء، تحلبه عمتي فاطمة في كفر طحلة، ترسله إلي فوق الحمارة مع الزبدة والقشدة والجبنة القريش، لم تكن طفلتي تأكل إلا عصيدة القمح، الأرز المسحوق المطبوخ على النار مع اللبن المخفف بالماء، نصف صفار البيضة المدهوك بقطعة جبن، مع قليل من عصير العنب أو البرتقال، تجلس في كرسيها العالي إلى المائدة أمامها حاجز يمنعها من السقوط، كرات حمراء وخضراء وزرقاء وصفراء، تحركها بأصابعها الطفولية، تتصادم الكرات بصوت الموسيقى، تهز رأسها مع اللحن وتغني: دي دي تيا ... دي دي تيا ...

نامعلوم صفحہ