أتجهلين ...؟ يا بعد ذلك!
أتعرفين ...؟ يا حب ذلك!
إنما تأتي رسائلي أيتها العزيزة من تحول الكهربائية التي في قلبي إلى ألفاظ؛ إذ يدفعها الشوق أن تكون عملا مني بعد أن كانت عملا منك وهي كالنور، لا يرى حتى يلبس ما يرى فيه، فتلبس الكهربائية ألفاظي وتتراءى.
وإنما تأتي المعاني التي أبدعها فيك من تلك العواطف التي تخلقينها أنت في، وكما لا ينطق فم الإنسان من شفة واحدة: فكذلك لا بد للحب من اثنين؛ ليتكلم فم الحقيقة بكلام الحب!
وما أكتب لك حرفا حتى أراك قبل في مرآة نفسي، وأتمثلني في مرآة نفسك، ثم أضع بيننا مرآة اللغة فتعكس مني ومنك أجزاء وصورا تكون هي كلماتي.
ولو رأيتني وأنا أتلو رسائلك؛ لرأيت أنك لا تكتبين لي كلاما، بل تزرعين في الورق زهر أنفاسك فيأتيني فأقرؤه. أي أقطفه ... وبهذه الطريقة أكتب كلماتي، أي أزرع تنهداتي يا حبيبتي.
والخائف من شيء يرى لاسمه بعض عمله من تأثير الخوف على أعصابه، فاسم الثعبان عند من لدغ مرة هو لفظ كالإبرة يمس مكان اللدغة؛ كلمة الذئب تعض ... وكلمات الحب يا حبيبتي تتألم. •••
لست أشعل ألفاظي ولا ينبض القلم في يدي نبضات حية، ولكن هذا وذلك غليان دمي على أربع نيران، هي خيالي، وغرامي، والفكر الناري الذي هو أنت والجمال الذي أحمي على شبابك حتى بلغ درجة الاحمرار في خديك وشفتيك!
هو الوجد، ذلك الوجد الذي يوحي لكل عاشق بأنه إن امتنع على الفم أن يلقي في القبلة أنفاسه الحرى على وجه الحبيب، فليقابل وجهه بألفاظه الحارة في رسالة ...
هو الجمال، ذلك الجمال الذي يريد التعبير عن نفسه تعبيرا صادقا حيا، فيتخذ العاشق هيأة فكر مثقلة بالآلام وتباريح الصبابة والشعر والخيال عاليا عاليا إلى الحكمة، أو نازلا نازلا إلى الرذيلة، أو هالكا هالكا إلى الجنون. •••
نامعلوم صفحہ