عندئذ وصلتك قرابة الجمال بوجهها فاتصل بك شعوري؛ وبت على بعدك في أفلاك السماء تسبح أيضا في دائرة قلبي، واستويت متسقا كأن عملك لي أن تتمم فن جمالها بإظهارها أجمل منك، وأمسيت عندي ولك مثلها شكل السر المبهم المحيط بالنفس المعشوقة: يدخل كل جمال في تفسيره، ولا يكمل تفسيره أبدا!
ومن شبهك بوجهها أزهر الضوء فيك ما يزهر اللحم والدم فيها، فتكاد أشعتك تقطف منها القبلة، ويكاد جوك يساقط من نواحيه تنهدات خافتة، وتكاد تكون مثلها يا قمر مخلوقا من الزهر والندى وأنفاس الفجر! •••
أما قبل حبها فكنت أراك أيها القمر بنظرات لا تحمل أفكارا.
كنت جميلا، ولكن جمال ورق الزهر الأبيض، وكنت في رقعتك المضيئة تشبه النهار مطويا بعضه على بعض حتى يرجع في قدر المنديل، وكنت ساطعا في هذ الزرقاء ولكن سطوع المصباح الكهربائي على منارة قائمة في ماء البحر، وكنت زينة السماء ولكن كما تناط مرآة صغيرة من البلور إلى حائط فتشبه من صفائها موجة ضوء أمسكت ووضعت في إطار معلق!
وكنت يا قمر ... كنت ملء الوجود، ولكنك ضائع من فكري! •••
وأما بعد حبها فأمسيت أراك أيها القمر ولست إلا طابع الله على أسرار الليل في صورة وجه فاتن، كما أن كل وجه معشوق هو طابع الله على أسرار القلب الذي يحبه.
فأنت جميل جمال الجسم البض العاري، تكاد تشبه صدر الحبيبة كشفت أعلاه فظهر في بريق الفضة المجلوة.
وأنت فاتن تحاكي في ضوئك وجهها لولا أنك بلا تعبير.
وأنت ساطع بين النجوم، ولو تجسمت صورة من أجمل ضحكات ثغر معشوق لكانت، ولو تجسمت القبلات المنتثرة حول هذا الثغر لكانتها!
2
نامعلوم صفحہ