126

Awn al-Hanan fi Sharh al-Amthal fi al-Quran

عون الحنان في شرح الأمثال في القرآن

ناشر

دار الكتب العلمية

ایڈیشن نمبر

الأولى

اشاعت کا سال

١٤٢٥ هـ - ٢٠٠٤ م

پبلشر کا مقام

بيروت

اصناف

مَنْثُورًا أى مفرقا فهو مثله فى عدم النفع، إذ لا ثواب فيه لعدم شرطه.
قال العلماء: وإن كانوا قد يجازون عليه فى الدنيا. وما دامت أعمالهم الصالحة لا ثواب عليها لفقد شرطها وهو الإيمان، فليس لهم إلا النار مستقرا ومقيلا.
ثم إن الكاتب لما استشهد على دعواه بالآية الكريمة، قال بعدها مباشرة: وقد تكررت هذه الآية فى القرآن بنصها ومعناها أكثر من مرة حتى أصبحت بمثابة قاعدة أساسية من قواعد الدين الإسلامى، حتى لقد جعل منها تشريعا قائما عند ما أباح للمسلم أن يتزوج بكتابية على غير دينه، وأن تبقى على دينها.
أما بالنسبة للآية، فنقول: لا يمكن أبدا فى ميزان العقل السليم والمنطق الصحيح أن تفهم الآية على ما يبدو منها للكاتب بعد أن بين القرآن حقيقة الإيمان، وما يجب على المكلف أن يؤمن به، وبعد أن حكم بالكفر على من كذّب وفرّق بين رسول ورسول، كما قدمنا كل ذلك صريحا دون لبس أو غموض، وإلا لكان القرآن من عند غير الله تعالى، تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا.
وإذن فلا بد من فهمها على هذه الحقائق، وعلى أساس هذه الأصول، وتلكم الحجج القوية الدامغة. قال أئمة التفسير: اختلف فى الذين آمنوا فى هذه الآية، فقالت فرقة:
«الَّذِينَ آمَنُوا» هم المؤمنون حقا بنبينا محمد ﷺ، وقوله: «مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ» يكون فيهم بمعنى من ثبت ودام، وفى سائر الفرق بمعنى من دخل فيه.
وقالت فرقة: المراد بالذين آمنوا، المؤمنون بالأنبياء قبل بعثة نبينا محمد ﷺ، ويكون المعنى: أن الذين آمنوا على التحقيق فى زمن الفترة مثل: قس بن ساعدة، وورقة بن نوفل، وبحيرا الراهب، وأبى ذر الغفارى، وسلمان الفارسى، وهؤلاء هم أصحاب الإيمان الحق قبل ظهور النبى ﷺ، والذين كانوا على الدين الباطل المبدل من اليهود والنصارى والصابئين من آمن منهم بالله واليوم الآخر وبمحمد ﷺ عند إدراكهم زمنه، فلهم أجرهم ... إلخ.
فالآية تبين بهذا أن أى دين قبل ظهور محمد ﷺ لو كان صحيحا لا ينفع المتدينين به عند ظهوره ﷺ، وعليهم أن يؤمنوا بالقرآن، وبما جاء به، ﵇، إذا أدركوا زمنه، وإلا فهم هالكون، ومن باب أولى ما إذا كان باطلا ومبدلا كدين اليهود والنصارى، فلو فرض أن إنسانا قبل ظهور بعثة النبى ﷺ كان يقول: أشهد أن لا إله إلا الله وأن عيسى

1 / 128