فقال جبل وهو يخفض رأسه: ثقي يا سيدتي بأنني كلما ذكرت الظروف التي اضطرتني إلى مغادرة هذا البيت لعنتها من صميم قلبي.
فحدجه الأفندي بنظرة مريبة وهم بسؤاله عما يعني، ولكن هدى سبقته قائلة: علمت بلا شك بعفونا عن آل حمدان إكراما لك.
وأدرك جبل أنه آن لهذا الموقف العائلي الطيب أن ينتهي كما قدر له من أول الأمر، وأنه آن للكفاح أن يبدأ، فقال: الحق يا سيدتي أنهم يعانون ذلا ألعن من الموت، وقد قتل منهم من قتل.
فقبض الأفندي بشدة على مسبحته وهتف بحدة: إنهم مجرمون، وقد نالوا ما يستحقون.
فلوحت هدى بيدها في رجاء وقالت: فلننس الماضي كله.
فقال الأفندي بإصرار: ما كان يجوز أن يضيع دم قدرة هدرا.
فقال له جبل بثبات: المجرمون حقا هم الفتوات.
فوقف الأفندي في عصبية ووجه الخطاب إلى زوجته قائلا في لوم: أرأيت نتيجة إذعاني لك في دعوته إلى بيتنا؟
فقال جبل بصوت أفصحت نبراته عما وراءه من عزم: سيدي، كان في نيتي أن أجيء إليك على أي حال، ولعل الاعتراف بالجميل الذي أكنه نحو البيت هو الذي جعلني أنتظر حتى أدعى إليه.
فرمقه الناظر بنظرة توجس وارتياب ثم سأله: ماذا تريد من مجيئك؟
نامعلوم صفحہ