93

اوائل خریف

أوائل الخريف: قصة سيدة راقية

اصناف

جلست أوليفيا تراقب المشهد باستمتاع صامت. كان من الواضح أن النصر في هذه المناسبة كان حليف سابين، وأدركت سابين هذا. إذ جلست تستمتع بكل لحظة منه، وهي تراقب العمة كاسي تتلوى في جلستها من فكرة خروج ميراث قيم كهذا من أفراد العائلة المباشرة ليذهب إلى شخص من درجة قرابة بعيدة ويكن لهم عداوة شديدة. كان من الواضح أنها كارثة تضاهي في أهميتها كارثة ضياع طقم عقد اللؤلؤ والزمرد الخاص بسافينا بينتلاند في قاع المحيط الأطلنطي. كانت ممتلكات ضاعت إلى الأبد وكان ينبغي أن تئول إلى العائلة وتضاف إلى ثروتها.

أخذت سابين تفتح الخطاب ببطء شديد، لتجعل الورق يصدر خشخشة مزعجة، كما لو أنها كانت تعرف أن كل خشخشة صادرة عن الورق كانت تسري في العمود الفقري للعجوز محدثة آلاما مبرحة لها.

قالت، وهي ترفع على حدة كل ورقة من الخمس ورقات الطويلة: «هذه الفاتورة الصادرة من مصلحة الجمارك. خمس صفحات طويلة ... ربما تصل القيمة الإجمالية إلى خمسة وسبعين ألف دولار ... بالطبع، لا توجد حتى أي رسوم يتعين دفعها؛ لأنها كلها أشياء قديمة.»

أجفلت العمة كاسي، كما لو أن نوبة مفاجئة من الألم قد سيطرت عليها، وتابعت سابين حديثها. قالت: «بل إنه ترك بندا بخصوص شحنها ... كلها باستثناء أربع أو خمس قطع كبيرة محتجزة في مدينة منتون الفرنسية. الإجمالي ثمانية عشر صندوقا.»

بدأت تقرأ الأصناف واحدا تلو الآخر ... الدواليب، والمناضد، والكراسي، والشمعدانات، والطاولات، والصور، وقطع من البرونز والكريستال وحجر اليشم ... وكل القائمة الطويلة للأشياء التي جمعها هوراس بينتلاند بعناية خبير محب للتحف أثناء سنوات نفيه الطويلة؛ وبينما كانت تقرأ، قاطعتها العمة كاسي، التي عجزت عن تمالك نفسها لوقت أطول من ذلك، قائلة: «يبدو لي أنه كان رجلا ناكرا للجميل ومثيرا للاشمئزاز. كان من المفترض أن يئول هذا إلى أخي العزيز، الذي سانده كل هذه السنوات. لا أفهم السبب وراء تركه كل هذا لابنة عم بدرجة قرابة بعيدة مثلك.»

أمعنت سابين البحث مرة أخرى داخل المظروف. ثم أردفت قائلة: «انتظري، لقد شرح تلك النقطة بنفسه ... في وصيته الخاصة.» فتحت نسخة من هذه الوثيقة، وأخذت تبحث للحظة، ثم قرأت: «إلى ابنة عمي، سابين كاليندار (السيدة كاين كاليندار)، القاطنة في شارع دي تيلسيت، باريس، فرنسا، ومدينة نيوبورت، رود آيلاند، أترك كل مجموعاتي من الأثاث وأقمشة النجود والتحف الفنية وما إلى ذلك، عرفانا مني بلطفها معي طوال مدة امتدت لسنوات طويلة نظير ثقتها وتفهمها في وقت كانت بقية العائلة تعاملني فيه باعتباري شخصا منبوذا.»

استشاطت العمة كاسي غيظا. وقالت: «وكيف كان ينبغي التعامل معه لو لم يعامل باعتباره شخصا منبوذا؟ كان صعلوكا بغيضا ناكرا للجميل! كانت أموال عائلة بينتلاند هي ما دعمه طوال حياته البائسة.» توقفت للحظة لالتقاط أنفاسها. ثم أردفت: «كثيرا ما كنت أقول لأخي العزيز إن مائتين وخمسين دولارا سنويا هو مبلغ أكبر بكثير مما كان يحتاجه هوراس بينتلاند. وهكذا أنفق المال، ليسيء إلى من أحسنوا إليه.»

أعادت سابين الأوراق إلى المظروف، ورفعت بصرها، وقالت بنبرتها الحادة الرنانة: «المال ليس كل شيء، كما أخبرتك من قبل يا عمة كاسي . أقول دوما إن مشكلة آل بينتلاند ... أو أغلب أهل بوسطن، في هذه المسألة ... تكمن في حقيقة أنهم كانوا في مستهل حياتهم أصحاب متاجر ينتمون إلى الطبقة الوسطى الدنيا ولم يفقدوا أبدا أيا من خصال هذه الطبقة الوسطى الدنيا ... لا سيما فيما يخص المال. لقد كانوا يفخرون بأنهم يعيشون على عائد دخولهم الخاصة ... كلا، لم يكن المال هو ما أراده هوراس بينتلاند. وإنما القليل من الذوق واللطف والتعقل. أظن أنكم حصلتم على ما يعادل قيمة مبلغ المائتين والخمسين دولارا الذي كنتم ترسلونه له كل عام. كان أمر إخفاء الحقيقة بعيدا عن الأنظار يستحق أكثر من ذلك بكثير.»

تبع هذا الحديث فترة صمت طويلة ومؤلمة، وحاولت أوليفيا، ملتفتة إلى سابين، أن تلومها بنظرة سريعة على التحدث بهذه الطريقة إلى السيدة المسنة. أخذت العمة كاسي تتجرع مرارة الهزيمة على نحو مثير للشفقة جدا، ليس على يد سابين وحسب، وإنما على يد هوراس بينتلاند أيضا، الذي ثأر لنفسه بدهاء، حتى بعد موته بفترة طويلة، وأصاب شغف عائلة بينتلاند بالممتلكات والملكية في مقتل.

لمع بريق الانتصار في عيني سابين الخضراوين. كانت، شيئا فشيئا، تسدد الحساب الطويل لطفولتها التعيسة؛ ولم تكن قد انتهت بعد.

نامعلوم صفحہ