35

اوائل خریف

أوائل الخريف: قصة سيدة راقية

اصناف

ردت سابين بنبرة تظهر اتفاقها التام وتعاطفها الكامل قائلة: «ولا أنا.» فهمت أن الصراع لم ينته بعد؛ لأن العمة كاسي كانت تملك طريقة تضع بها نفسها في موقف منيع، يتمثل في إحاطة نفسها بطبقات وطبقات من التنهدات والتعاطف، والطيبة والتسامح، والخنوع والدموع، بحيث لا يمكن للمرء في النهاية أن يتجاوز كل ذلك ويقول: «ها أنت ذا ... ظهرت على حقيقتك أخيرا، عجوز فضولية بغيضة!» وظلت سابين تتخيل أيضا لو أن العمة كاسي كانت قد عاشت في أيام جدها صائد الساحرات، بينتلاند المصون من الإثم، لكانت ستحرق لأن الناس كانوا سيحسبونها ساحرة.

وطوال الوقت كانت سابين تعاني، بصمت، في قرارة نفسها، خلف قناع واضح ... تعاني بطريقة ما كان لأحد في العالم أن يتوقعها؛ وذلك لأن مجرد التحدث بهذه الطريقة عن ريتشارد كاليندار، أو حتى نطق اسمه، كان يمزق قلبها ويعتصره ألما.

جهرا قالت: «وكيف حال السيدة بينتلاند ... أقصد أوليفيا ... وليس ابنة عمي ... أعرف كيف هي ... على نفس الحال.» «نعم على نفس الحال. هذا واحد من الألغاز التي لا أستطيع فهمها أبدا ... لماذا ابتلى الرب رجلا صالحا مثل أخي بهذه المصيبة.»

وفي محاولة منها لوضع نهاية مفاجئة لما بدا واضحا أنها مقدمة لموعظة دينية مملة، قالت سابين: «لكن أوليفيا ...»

قاطعتها العمة كاسي قائلة: «أوه! ... أوليفيا،» وبدأت في وصف السيدة بينتلاند الشابة. قالت: «أوليفيا ملاك ... ملاك، نعمة من الرب أرسلها إلى أخي المسكين. لكنها لم تعد على ما يرام مؤخرا. لقد أصبحت حادة معي ... وحتى مع الآنسة بيفي المسكينة، التي تتسم بالحساسية الشديدة. لا أستطيع أن أتصور ما اعتراها.»

بدا أن أوليفيا القوية الجميلة كانت تعاني من الضغوط. وقالت العمة كاسي إنها تعيسة لسبب ما، رغم أنها لم تستطع أن ترى سببا لحزنها ... فهي امرأة لديها كل شيء في الدنيا.

كررت سابين بتساؤل: «كل شيء؟ هل ينال أي شخص في هذه الدنيا كل شيء؟» «لو لم تملك أوليفيا كل شيء فهذه غلطتها. فلديها كل المقومات الأساسية. لديها زوج صالح ... زوج لا ينظر أبدا إلى النساء الأخريات.»

قاطعتها سابين قائلة: «ولا حتى لزوجته. أعرف كل شيء عن آنسون. لقد نشأت معه.»

رأت العمة كاسي أنه من الأنسب تجاهل هذه النقطة. وقالت، مستأنفة حديثها عن النعم التي لدي أوليفيا: «إنها ثرية.»

ومرة أخرى قاطعتها سابين قائلة: «لكن ما الذي يعنيه المال يا عمة كاسي؟ في عالمنا هذا يكون المرء ثريا وتكون تلك هي نهاية الأمر. إذ إنه يعتبر ثروته أمرا مسلما به. وإذا ما فقد ثروته، فإنه يخسر كل شيء. لا علاقة للمال بالسعادة.»

نامعلوم صفحہ