آلمني سكوتك من هذا القبيل، وأرهف انتباهي، فألفتني إلى نقط كلها غير مسرة. منها أنك لم تشاركني ارتياحي إلى تلك الصداقة الفكرية؛ لأنك لو كنت سعيدا بها مثلي لما كنت رميت إلى أبعد منها.
علمت أنني كنت وحدي حيث كنت أظننا اثنين، وقدرت أنك لم تكن تحسب تلك سوى «مقدمة»، وأنا كنت أقدرها لذاتها، وصار معنى سكوتك عندي، إما ذاك وإما لا شيء، وأنت أدرى بأثر هذا في نفسي.»
إني أعطيك قلبي
بعثت «مي» إلى جبران بهذه الرسالة، فلم يسرع إليها بالإجابة، وساعد على إبطائه في الرد عليها أنه كان في ذلك الحين يشكو علة في قلبه، فشغلت لذلك شغلا كثيرا وقلقت قلقا شديدا، وأرسلت إليه في الرابع من أغسطس سنة 1921 رسالة تفصح فيها عما تكنه من حب وقلق في ثوب من الاحتشام الشرقي، فقالت:
عزيزي جبران «أريد أن تساعدني وتحميني، وتبعد عني الأذى، ليس بالروح فقط بل بالجسد أيضا، أنت الغريب الذي كنت لي بداهة وعلى الرغم منك أبا وأخا ورفيقا وصديقا، وكنت لك أنا الغريبة بداهة وعلى الرغم مني أما وأختا ورفيقة وصديقة.
ولا يكفيني انتظام القلب المعنوي منك، بل أريد انتظام القلب الآلي، وإني أعطيك لذلك بطيبة خاطر انتظام قلبي الشديد المتين، إن لي مكانة أهل رءوس الجبال، وقد أعطاني أبي كسروانية بما فيها من مقاومة بدنية فخذ كل ذلك مني. وها أنا ذا عندما أتنفس أبطئ حركة التنشق لأضم إلى قوتي قوة البحر وحيوية الطبيعة، ثم أتنفس موجهة مجموعة هذه القوى إليك لتشفى بها وتتشدد!
حدثني عنك وعن صحتك، واذكر عدد ضربات قلبك، وقل لي رأي الطبيب، افعل هذا، ودعني أقف على جميع التفاصيل كأني قريبة منك.
أخبرني كيف تصرف نهارك، أتوسل إليك أن تتناول الأدوية المقوية مهما كان طعمها ورائحتها؛ فمن هذه المعنويات ما هو ضروري كل الضرورة، مفيد كل الإفادة، وكل ما تفعله لوقاية نفسك أحسبه أنا لك يدا علي وأشكرك لأجله بكل ما في قلبي من صداقة ومودة.
أرسل إلي سطرا أو سطرين من أخبارك، بلا إجهاد.»
أنا مدين للمرأة
نامعلوم صفحہ