على نفسه البخيل على رعيته مخطىء غير مصيب، مذموم غير محمود. فلما استقر انه اليق بالملوك وهم احق به حتى إن بعضهم يفرط به محبة الكرم واختياره فيغار من كرم غيره منافسة منه لهذه الفضيلة ليكون هو مختصا بها.
وقد ليم بعض الملوك على كثرة بذله للاموال فقيل له لا خير في السرف، فعكس القول(4) واجاب لا سرف في الخير. وينبغي أن يكون كرم غير مقصور على خواص اصحابه ومن قرب منه، فانه كرم خاص قليل الجدوى، وبه سميت شجرة العنب كرما، لانها تتشبث وتتعلق بما قرب منها وتلقى عليه ثمرها، بل يكون كالشمس يضيء على الآفاق ويعم الأقاصى والأداني بالإشراق، كما قال المتنبي: كالبحر يقذف للقريب جواهرا أبدا ويبعت للبعيد سحائبا
والشعر فى هذا المعنى كثير
وا لا الاموال، ونذخر الذكر لا الوفر، ونمهد الاجلة لا العاجلة. وهكذا اوائل الدول ومباديها تؤلف بالكرم وفيض الجود.
قال الصاحب(1) بن عباد(*) لعضد الدولة إنما هو سيفك ودرهمك قوله : قال الصاحب الخ... أقول : ويؤيده أن إله الخلق سبحانه إنما تعرف لهم بالإحسان
فعرفوه حق العرفان. (1) هو إسماعيل بن عباد بن العباس أبو القاسم الطالقانى. وزير غلب عليه الأدب فكان من
نوادر الدهر علما وفضلا وتدبيرا وجودة رأي. استوزره مؤيد الدولة ابن بويه الديلمى ثم
أخوه فخر الدولة، ولقب بالصاحب لصحبته مؤيد الدولة من صباه، فكان يدعوه بذلك. ولد
لي الطالقان (من أعمال قزوين) وإليها نسبته. وتوفى بالري عام 385 ه، ونقل إلى أصبهان
فدفن فيها. له تصانيف جليلة منها المحيط، والكشف عن مساوىء شعر المتنبى، والإقناع
في العروض، وغير ذلك كثير. (راجع معجم الأدباء 2 : 273 - 343/ ومعاهد التنصيص
4: 11/ وابن خلدون 4 : 466/ وابن خلكان 1 : 75/ والمنتظم 7 : 179).
قوله : فعكس القول... الخ أقول ذلك من عين الشريعة ونور مشكاة الحقيقة.
74
صفحہ 74