آثار الاول فی ترتیب الدول
آثار الأول في ترتيب الدول
اصناف
من دماء تباح به وتحقن، وبلاد تعمر به وتخرب؛ فينبغي للملك إذا عزه على المشورة في الأمور المهمة العظيمة أن يخلو مع كل واحد ويستشيره، ثم يتفكر في الرأي، ويجمع بينهم بعد ذلك وياخذ رأيهم جميعا، فكل رأي اقتصروا عليه الأكثر، يميز الملك فيه ويراه بميزان عقله، تم يقيسه على أثار المتقدمين، فما وافق يعتمد عليه، والقرائن تدل على صحة بعضها بعض، وان كان ممن يستشيرهم فرادى فلا يجمع بينهم، فان الانفراد فيه احتياط على الكتمان واندفاع محذور منافقة بعضهم لبعض أو مشاققته .
ويجب على المستشار(1) أن يكتم ذلك عن الصبى الصغير والمرأة ومن لا يثق البى كمال عقله، ولا يكتبه بما يقرا لغيرو، ولا يستشهد بما يدل عليه، فكم قد ظهر من الأسرار بهذه الطرق ما أفسد الأحوال.
ومسا جرى في ذلك آن بعض بني الفرات كان له روشن مطل عا
2 الدجلة، وكان اذا جلس فيه لقضاء الاشغال وقراءة القصص ، قطع ما يريد كتمانه ورمى به في دجلة، وعنده انه قد احتاط على الكتمان، وكان رجل من أصحاب الأخبار يجلس على طريق مائه، ويلتقط تلك الاوراق المقطعة ثم يمضى بها ويلققها ويستخرج منها الأسرار التي ظن أنها كتمها، فاختلت عليه بذلك أحواله. وأما الحازم من الملوك فانه كان يجلس وبين يديه طست فيه الماء، وكلما قرأ رقعة يريد كتمانها غسلها بيده لوقتها، فبلغ بذلك مقاصد كثيرة، ونجحت له مطالب غيره. وقال البلخى(2) ينبغى للملك
صفحہ 149